استراحة الخميس: القتــلة..
لميس ضيف
(1) بأي ذنب قتلت؟
إلهام مهدي طفلة يمنية في الثالثة عشرة..
ألبسوها فستاناً أبيض ولطخوا عينيها بالكحل الأرمد ومرغت شفتها بالروج الأحمر ووعدت بالهدايا وشعر البنات قبل أن تزج لفراش رجل في الـثامنة والعشرين ليعبث بطفولتها باسم الشرع والدين..
بعد ثلاثة أيام من النزيف المتواصل.. زهقت روح إلهام..
ورحلت عن الدنيا ملطخة بآلام لم يستوعبها جسدها الهزيل..
تواطأ على دفن جثمانها الجهل.. والفهم المعوج للدين وأيدٍ تكافح لإجهاض قوانين تحدد سن الزواج، بل وأية تشريعات أخرى عصرية، تهدد باستيقاظهم ذات صباح ليكتشفوا بأننا خرجنا.. من عصر الجاهلية!!
يوما ما ستستيقظ إلهام من قبرها في حضرة الرب؛ ومعها جحافل من الموؤودات والمجلودات بعهر العالم..
وسيشرن بالبنان لكل من شاركوا في الجريمة وارتضوها..
يومها؛ كل الأفكار المستعارة ستنطفئ.. وستسقط كل الأقنعة ومعها الأفكار التي استعمرت حياتنا دون وجه حق..
يومها سيُصلب كل الدجالين..
... وتنتصر إلهام
******
(2) ''فالصو''..!!
من قال لك إن الحب موجود عند الآخر..!!
الحب مدفون فيك كالكنز ينتظر ''الآخر'' ليكتشفه وينفض عنه التراب..
تماما كالغضب والبسمة وكل الانفعالات المكبوتة التي تنتظر من ''الآخر'' أن يوقظها ويحييها..
في بعض الصدور كنز فرعوني عظيم.. وفي بعضها كنز تحرسه الأفاعي.. وفي بعضها خردة خلفها بعض الرحالة.. صدق أو لا تصدق يا صديقي..
ربما لا يكون العيب في كل العابرات اللواتي عجزن عن إيقاظ عواطفك.. بل في أن كنزك الخفي ''فالصو''!!
******
(3) .. علام الضجيج!!
سيأتي الداعية..
فليأتِ.. وما دهاكم..
سننظر لعينيه ونسأله:
أرنا الوثيقة الإلهية التي تخبئها تحت جلبابك
والتي سمحت لك..
أن تصنفنا من أهل النار.. سلفاً!!
******
(4) عزلة الراعي..
اخترت أن أكون راعيا لأني أردت الحرية..
لا طوق حب يسحبني للسماء.. ولا قيد مسؤوليات توثقني بالشجرة!!
أرحل وأنام وأتصفح المدن وأطوي البراري متحرراً من عواطف البشر المتقلبة ومشاعرهم المتأرجحة..
حياة الراعي تناسبني..
أصحي النعاج وأراقبها وأسميها وأضحك معها وأحميها..
وفي اليوم الذي احتفلت فيه بتحرري من أصفاد العلاقات وهموم العواطف والتزاماتها اكتشفت.. أني تعلقت بنعاجي!!
******
(5) طعم الندم..
على كرسي خشبي في غرفتي أتكوَّر لا رفيق لي.. إلا إبريق الشاي
تعصف رياح نيسان بستائري القديمة ويهمس ضوء القمر لأجفاني وتداعب ذكراها روحي وأفكر: إنها تتغطى الآن بعطر غيري..
ليروي لها قصصا عن رحلاته لغابات النمور وموانئ التوابل.. وأساطير أخرى - يختلقها- عن معاركه مع الشياطين وملوك البحار!!
ستفتح عينيها مشدوهة وتبتسم له؛ سيخدعها كما فعلتُ أنا فصغيرتي.. تُخدع بسهولة!!
حقيقة هي تغرس نصلها في قلبي كل ليله لتسري الغيرة في دمي كسم الثعابين..
تسيل كرامتي على سيقان الكرسي الخشبي وأسكر من الألم... والندم
ولا أحد هناك ليحس بوجعي إلا رياح نيسان.. وإبريق الشاي.
******
(6) وطأة الخديعة..
عندما تتعرض للخداع..
تشعر بأن جيشاً من العناكب يحتل جمجمتك..
للحظات تشكُّ في العالم يتآمر على قواك العقلية ويسعى لتفتيت عزيمتك لتبدأ بعدها عذابات الأسئلة:
كيف خدعت..؟!
ولمَ خدعت..؟!
لم عجزت قرون استشعاري عن التقاط الإشارات..؟!
يتلو ذلك نزيف داخلي تأبى كرامتك أن يشهد الآخرون قطراته خشية أن ينثروا ملح اللوم الحارق على جرحك دون أن يدروا..!!
أسوأ ما في الخديعة لا ما تخسره من وقت.. مال.. أو عواطف
بل أن تكتشف أنك.. لست بالذكاء الذي كنت تظن!!