البحرين: يجب محاسبة الجناة المسؤولين عن حملة القمع
يجب المبادرة بتحقيق مستقل في الوفيات والهجمات الوحشية على المتظاهرين
فبراير/شباط 28, 2011
متظاهر يضيء الشموع على ضروح رمزية لأشخاص قُتلوا أثناء التظاهرات المعارضة للحكومة في دوار اللؤلؤ بالمنامة. البحرين، 26 فبراير/شباط 2011.
© 2011 Reuters
ذات صلة : البحرين: يجب وقف الهجمات التي تستهدف المتظاهرين السلميين
البحرين: الجيش والشرطة يطلقان النار على المتظاهرين
More Coverage: مستجدات حية من الشرق الأوسط
للمزيد عن البحرين
الإصلاح الحقيقي في البحرين لا يمكن أن يتم دون محاسبة قضائية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن – أو دون محاسبة من أمروا بالهجمات القاتلة على المتظاهرين السلميين. التزامات البحرين التعاقدية الحالية تُلزمها بذلك وليس أقل من ذلك مطلقاً.
جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
(المنامة، 28 فبراير/شباط 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الإصلاح السياسي في البحرين يجب أن يشمل إجراء تحقيق شفاف ومستقل في العنف الذي بادرت به الحكومة والذي أودى بحياة سبعة متظاهرين وإصابة المئات. كما دعت هيومن رايتس ووتش السلطات البحرينية إلى مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب أعمال العنف هذه، وكذلك من أساءوا للأفراد الذين تم احتجازهم.
يوم الاثنين الموافق 21 فبراير/شباط 2011، توفي رضا بوحميد البالغ من العمر 32 عاماً متأثراً بإصابات جسيمة لحقت به إثر الإصابة بجروح في الرأس سببها أعيرة نارية - وهو الضحية السابع لإطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين منذ 14 فبراير/شباط. في 18 فبراير/شباط، أطلق الجيش وقوات مكافحة الشغب رصاصات حية، وأعيرة رشاشة، ورصاصات مطاطية، وقنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين الذين يقتربون من ساحة دوار اللؤلؤ للتظاهر ضد عنف قوات الأمن.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الإصلاح الحقيقي في البحرين لا يمكن أن يتم دون محاسبة قضائية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن - أو دون محاسبة من أمروا بالهجمات القاتلة على المتظاهرين السلميين. التزامات البحرين التعاقدية الحالية تُلزمها بذلك وليس أقل من ذلك مطلقاً".
كانت الحكومة البحرينية قد أعلنت أنها ستحقق في مقتل المتظاهرين، لكن ليس من الواضح إن كان هذا التحقيق سيتمتع بالاستقلالية والنزاهة، أو إن كان سيغطي مقتل جميع المتظاهرين السبعة، بالإضافة إلى البحث في مزاعم الإصابات والاعتقالات التعسفية والمعاملة السيئة والانتهاكات لحقوق المحتجزين إثر الهجمات.
قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين، منها استخدام القوة المميتة ضد متظاهرين سلميين، والاعتقالات والاحتجاز التعسفيين، وسوء المعاملة والانتهاكات لحقوق المحتجزين الذين قبض عليهم الأمن أثناء التظاهرات.
أكدت هيومن رايتس ووتش استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وذخائر صيد الطيور الأخف أثراً، والرصاصات المطاطية من قبل قوات الجيش والأمن. الأغلبية العظمى من الوفيات كان سببها ذخائر صيد الطيور. المتظاهرون السبعة القتلى هم، علي مشيمع، 21 عاماً (مات في 14 فبراير/شباط)، فاضل المتروك، 31 عاماً (مات في 15 فبراير/شباط)، محمود أحمد مكي، 23 عاماً (مات في 17 فبراير/شباط)، علي منصور أحمد خضير، 53 عاماً (مات في 17 فبراير/شباط)، عيسى عبد الحسن، 60 عاماً (مات في 17 فبراير/شباط)، علي المؤمن، 22 عاماً (مات في 17 فبراير/شباط، رضا بوحميد، 32 عاماً (مات في 21 فبراير/شباط جراء إصابات لحقت به في 18 فبراير/شباط).
بوحميد، المتظاهر الذي توفي في 21 فبراير/شباط، كان يشارك في تظاهرة سلمية عند إطلاق الجيش وشرطة مكافحة الشغب النار على المتظاهرين، حسبما قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش. قالوا إنه كان برفقة متظاهرين آخرين اقتربوا من وحدات الجيش والأمن المتمركزة لمنع المتظاهرين من بلوغ دوار اللؤلؤ، وكانت أيديهم مرفوعة في الهواء لإظهار أنهم لا يحملون أسلحة. رواياتهم أكدها مقطع فيديو على اليو تيوب يبين هذا الحادث.
عيسى عبد الحسن البالغ من العمر 60 عاماً، مات إثر إطلاق النار عليه أثناء مداهمة شرطة مكافحة الشغب لدوار اللؤلؤ في ساعات الصباح الأولى من 17 فبراير/شباط. محمد، الذي شهد على واقعة القتل، وطلب عدم ذكر اسمه كاملاً، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "عيسى عبد الحسن تكلم مع الشرطة. قال إنه لن يتحرك لأنه في تظاهرة سلمية. لنا جميعاً الحق في هذا ونحن لا نفعل أي شيء غير قانوني. ما إن قال هذا، حتى التقط رجل شرطة بندقية من آخر، ووضعها لصق رأسه، وسط جبينه بالضبط، وأطلق النار. انشق رأس عبد الحسن ومات على الفور".
شاهد آخر طلب عدم ذكر اسمه، وكان قد شارك في تظاهرة 18 فبراير/شباط، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه برفقة متظاهرين آخرين اقتربوا من شرطة مكافحة الشغب والجيش على مقربة من دوار اللؤلؤ، وسمعوا صوتاً خافتاً لشخص ما يتحدث في مكبر للصوت على مسافة، لكن لم يتبينوا ماذا يقول المتحدث. قال إن المتظاهرين استمروا في التقدم، وهو يُرددون "سلمية سلمية"، وكانت أيديهم فوق رؤوسهم، عندما فتحت قوات الأمن النار فجأة، مات رضا بوحميد إثر الإصابة برصاصة في الرأس.
كما وثقت هيومن رايتس ووتش حالات اعتقال واحتجاز تعسفيين، والمعاملة السيئة التي ترقى لدرجة التعذيب. صادق العكري، طبيب يبلغ من العمر 44 عاماً من مستشفى السلمانية، كان في خيمة طبية بدوار اللؤلؤ مساء 16 فبراير/شباط وصباح 17 فبراير/شباط، عندما هاجمت شرطة مكافحة الشغب. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه وطاقمه الطبي كانوا يرتدون المعاطف وعليها شعار الهلال الأحمر، ويحملون بطاقات هوية تشير إلى أنهم ضمن فريق طبي من المتطوعين. بعد الثالثة صباحاً بقليل، على حد قوله، سمع من يصيح بأن شرطة مكافحة الشغب تهاجم المخيم. خرج ليرى ما الذي يحدث، وسرعان ما احاط به الغاز المسيل للدموع وأصوات الرصاص.
بعد دقائق، على حد قوله، واجهته شرطة مكافحة الشغب بالعصي والبنادق. عندما حاولوا تقييد يديه، جلس على الأرض ورفع يديه وقال لهم إنه طبيب. استمروا في تقييده من خلف ظهره وبدأ بعضهم في لكمه وركله وضربه بالعصي. ثم رفعوه وساروا به إلى مكان مجهول. العكري قال إنهم كانوا يلكمونه ويركلونه كل 100 متر أو نحو ذلك. ذات مرة، ضربه أحدهم في وجهه بعصا فكسر أنفه. نتيجة للهجمات المتكررة، أصيب العكري أيضاً في عينه اليسرى، مما أصابه بفقدان مؤقت للإبصار.
قال العكري لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد الاعتداءات المتكررة، تم وضعه في حافلة مظلمة متوقفة بالقرب من دوار اللؤلؤ. وهو يركب الحافلة، جذب أحد الضباط سروال الطبيب مثيراً الشكوك حول احتمال تعرض الأخير للاعتداء الجنسي. ثم سار معه ضابط شرطة إلى الحافلة وأجبره على الجلوس في مقعد وهو ما زال مقيداً، ورفع قميصه عن رأسه. قبل أن يجلس لاحظ وجود محتجزين آخرين في الحافلة. العكري قال إنه على مدار ساعة أو نحو ذلك، كان ضباط الشرطة يمرون في ممر الحافلة ويضربون المحتجزين. قال العكري لـ هيومن رايتس ووتش إن أحدهم هدده قائلاً: "إذا نزفت في مقعدي بدمك الملوث، سوف أضربك حتى الموت!".
وأضاف العكري إن الشرطة سمحت له وثلاثة آخرين من المحتجزين بركوب سيارة إسعاف بعد ذلك. تم إدخاله مستشفى السلمانية الساعة 6 صباحاً يوم 17 فبراير/شباط، بعد أن لحقت به إصابات جسيمة في وجهه وظهره وجذعه. في 22 فبراير/شباط خضع العكري، الذي بلغ منه التعب مبلغه، وبعد إصابته بكسر في الأنف وكدمات كثيرة في الوجه، لجراحة في الوجه.
كانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت فيما سبق هجمات ضد مسعفين منعتهم الشرطة من الوصول في الوقت المناسب ومنح الرعاية اللازمة للمصابين إثر هجمة ساعات الصباح الأولى التي استهدفت المتظاهرين المخيمين في دوار اللؤلؤ.
بصفة البحرين دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، فعلى السلطات البحرينية حظر استخدام التعذيب من قبل قواتها الأمنية، وعليها إلتزام حماية وتعزيز الحق في الحياة، والحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، والحق في التجمع السلمي. على البحرين الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية، الذي ينص على عدم استخدام القوة المميتة إلا في حالة كونها لا بديل لها لحماية الأرواح، وأن تُمارس مع ضبط النفس وبشكل متناسب.
كما تطالب المبادئ الحكومات بـ "ضمان أن الاستخدام المتعسف أو المسيئ للقوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القانون يُعاقب عليه كجريمة بموجب قانون الدولة" وأن "كبار الضباط مسؤولين، إذا كانوا يعرفون، أو ينبغي أن يكونوا على علم، بأن مسؤولي إنفاذ القانون تحت إمرتهم لجأوا أو يلجأون للاستخدام غير القانوني للقوة والأسلحة النارية ولم يتخذوا الإجراءات التي بوسعهم لمنع أو وقف أو الإبلاغ عن هذا الاستخدام".
وقال ستورك: "على الحكومة البحرينية أن تُنشئ على الفور لجنة مستقلة مُكلفة بالتحقيق في استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين وفي أقوال المتظاهرين، الذين كشفوا عن التعرض للإساءات أو التعذيب إثر القبض عليهم". وتابع: "الملاحقات القضائية للمسؤولين عن أي هجمات غير قانونية عنصر لا غنى عنه في أي إصلاح سياسي حقيقي".