أعمدة
التجنيس حديث المجتمع وتجاهل المسؤولين
جمال السلمان
جمال السلمان
أثار موضوع الثلثاء الماضي بشأن «التجنيس بعد عشر سنوات» الذي نشر في هذه الصفحة، كثيراً من الملاحظات والردود، وبما يعكس أنه موضوع حيوي وحديث المجتمع وهواجسه وجدله، وكانت الردود التي سجلت على موقع صحيفتنا الغراء «الوقت» بين إطراء ومدح، وبين هجوم واتهام بالعنصرية والطائفية أو تحدٍّ لإثبات العدد المزعوم لعدد المجنسين، وإن كان فيما نشر دلالة حيوية، فإني لن أعلق على الاتهامات المساقة جزافاً، فذلك ما لا ينفع القارئ، ولا يجب التوقف عنده، بل يجب علينا أن نسوق الأدلة على كلامنا دائماً.
فأما بالنسبة إلى من تحدى في إثبات الأرقام، فأقول إن أجهزة الحكم غير شفافة في معلوماتها بشأن التجنيس، وإن صرحت فإنها تحاول التهوين من العدد والتقليل من شأن الموضوع، بل صدرت بعض التصريحات التي تدّعي أنه لم يتم تجنيس أكثر من خمسة آلاف شخص في الأعوام الماضية، في الوقت الذي عرف القاصي والداني ارتفاع وازدياد الكتلة الانتخابية بشكل كبير لا يتناسب أبداً مع نسبة نمو السكان التي كانت معروفة في البحرين، حيث إن نسبة نمو السكان البحرينيين في السنوات 1991 - 2000 (4,2 في المئة) سنوياً، بينما كانت في العام 2001 (2,5 في المئة) والفارق بين هاتين النسبتين بفعل التجنيس السياسي في البحرين حيث أصبحت نسبة النمو 8,5 في المئة سنوياً خلال السنوات التي ارتفعت فيها وتيرة التجنيس من 2001 إلى ,2007 ولذلك زادت الكتلة الانتخابية التي أعلنت عنها الحكومة بين انتخابات العامين 2002 و,2006 بمعدل بين 7 و8 آلاف سنوياً، ما يعني أن التجنيس في السنوات الماضية قد تراوح بين 50 و59 ألف في أفضل التقديرات تفاؤلاً، في الوقت الذي ذكرت بعض الدراسات أن من تم تجنيسهم يزيدون على 70 ألفاً، فما الذي رفع نسبة النمو بين البحرينيين من معدلاتها المعروفة إلى هذه النسبة الكبيرة، بما يشكله ذلك من ضغط على الخدمات والتخطيط للمستقبل الأجمل الموعودين به، حتى أصبحت البحرين التاسعة على مستوى العالم اكتظاظاً بالسكان، ففي الوقت الذي يبلغ المعدل العالمي للسكان 75 شخصاً في الكيلومتر المربع، يبلغ ذلك المعدل 1450 شخصاً في الكيلومتر المربع في البحرين إذا كان سكان البحرين قد تجاوز المليون حسب ما كشفه الوزير المسؤول عن المعلومات السكانية، وتلك الكثافة إذا احتسبنا جملة مساحة البحرين في الوقت الذي لا يعرف المواطن ولا تطأ رجله مساحات كبيرة من أرض البحرين.
أما من ناحية الادعاء بأن المطالبة بوقف التجنيس هي ضد مبدأ دستوري بشأن المساواة بين المواطنين، فنحن نسأل ابتداء عن حق المواطن في حفظ حقه وحق أبنائه في عيشة لائقة، فمن حق المواطن أن يطالب بحفظ ثروات البلاد واستثمارها الاستثمار الأمثل في ظل ما تعانيه من شح في الموارد وتدنٍّ في مستوى الخدمات، وتآكل الطبقة الوسطى وتزايد نسب البحرينيين تحت خط الفقر، بحيث زادت نسبتهم عن 11 في المئة بحسب دراسات المملكة المتحدة (الإسكوا)، فنحن لم نعترض على من نال الجنسية ضمن القانون، بل إن العرب الذين عاشوا على هذه الأرض وتعلقوا بها وانتموا إلى أرضها هم بحرينيو الانتماء، ولا أحد يعترض على منح الجنسية في إطار القانون، وإنما الإشكال فيمن تم تجنيسه خارج القانون، فإذا كنا ننشد دولة المؤسسات والقانون، وجب أن نحتكم إلى الدستور والقانون، وعليه فندعو رجال القانون إلى إفادتنا أصلاً عن دستورية قانون الجنسية وخصوصاً المادة السادسة منه، بما تنص عليه من تمكين لعظمة الحاكم بمنح الجنسية بموجب أمر يصدر منه، في الوقت الذي حدد دستور 1973 مناط الأوامر الأميرية، وفي الوقت الذي توسع فيه دستور 2002 في مناط الأوامر الملكية إلا أن منح الجنسية بأمر لم تكن ضمن تلك المهمات التي حددها الدستور لا في 73 ولا ,2002 وبالتالي فنسأل أهل الاختصاص من الحقوقيين الدستوريين ورجال القانون، إن كان لاستمرار العمل بأداة الأوامر في منح الجنسية له مرجعية في الدستور أو لا محل له فيه، هذا في الوقت الذي نصت فيه قوانين الجنسية في بعض دول الجوار الأكثر منا وفرة وموارد وأرضاً على ألا يزيد عدد من يتم تجنيسهم سنوياً على خمسين حالة.
- كاتب بحريني