أطفال رفح الثلاثة ... شهداء و شهود على فظاعة المجزرة
غزة - صحيفة الحياة الفلسطينية
لم يكن الشهداء الأطفال إبراهيم القريناوي و سامي صلاح و مبروك جودة على علم بأنهم على موعد مع القدر الذي طالما حلموا به رغم صغر سنهم ليلتحقوا بجنان الخلد مع النبيّين و الصديقين و الشهداء.
فهؤلاء الشهداء الأطفال قضوا نحبهم في معركة الكرامة و الدفاع عن الأرض و الإنسان و الهوية بينما كانوا في منازلهم يلتحفون فراشهم ظانين أنهم في أمنٍ و مأمن من الرصاص الاحتلالي الغادر .. و لكن قذائف و رصاصات الغدر الصهيونية داهمتهم لتعلن أنها لا تفرّق بين شيخ و امراة و طفل و شاب و مقاوم وسط صمت و تخاذل العالم الذي لم يعدْ يعرف سوى لغة المصالح و القوة و لا يقيم وزناً للإنسان و كرامته و حياته و لا يعترف بأخلاقيات الحرب إلا إذا تعرّض لها .
شهداء رفح الأطفال سطّروا بدمائهم الطاهرة الذكية أروع شهادة على جريمة العصر المنظّمة التي تمارسها قوات الاحتلال في ظلّ غطاء دولي .. و كأن أرواح هؤلاء الأطفال و المئات ممن سبقوهم لا تشكّل أي دليل على جرائم الاحتلال .
تلك المعادلة الدولية الظالمة في ميزان حقوق الإنسان ، ستجعل من أشلاء هؤلاء الأطفال لعنة تطارد العالم و مؤسساته ، و ستكون دماؤهم عنواناً للتحدّي و نبراساً يضيء الطريق للمقاومين .
احتفل شعبنا بزفاف شهدائه إلى جنان الخلد ، بزفّة ملائكية في عرس سماوي مشهود ، محمولين على الأكتاف مغرّدين ككلّ الطيور و العصافير التي حيّتهم و هم ملفوفون بالأعلام و الزهور و الياسمين .
فهذان الطفلان سامي صلاح البالغ من العمر اثنى عشر ربيعاً و مبروك جودة البالغ من العمر خمسة عشر ربيعاً قضيا نحبهما بعد إصابتهما بقذائف الدبابات المسمارية المحرّمة دولياً التي أطلقتها قوات الاحتلال على منزليهما ، فأصابت كلاً منهما إصابة مباشرة في الرأس .
و هذا الطفل إبراهيم القريناوي البالغ من العمر ثمانية أعوام قضى نحبه بعد ما أصيب بعيارٍ ثقيل في أحشائه ... بينما كان يلهو في ساحة منزله وسط ذهول أسرته التي أصيبت بحالة من الهستيريا و الذعر و الرعب .
و وسط عويل و صراخ أسرهم قضى الشهداء الأطفال ، لعدم تمكّن سيارات الإسعاف من الوصول إليهم جراء محاصرة قوات الاحتلال لكافة مداخل مخيّماتهم و لم يصلوا إلى المستشفى إلا بعد ما تم نقلهم من منزل لآخر و من جدار لآخر .
قضية استشهاد ثلاثة أطفال في مخيم رفح .. شاهدة على فظاعة المجزرة التي ترتكبها دولة الاحتلال الصهيوني "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط" ! كما يحلو لها أن تسمّي نفسها زوراً و بهتاناً .