لشهيد الرضيع عقيل الصفار
الاسم : عقيل سلمان علي محمد الصفار
العمر : 14 شهر
الاستشهاد : 8/2/1995م
المنطقة : بلاد القديم
تفاصيل :
ما الذي جناه طفل رضيع حتى يخنق بالغاز وهو في حجر أمّه ؟!
ما ذنب عقيل الصفّار لكي يستحق أن يموت بطريقة فيها الكثير من المرارة والألم ؟!عندما انتشر خبر وفاة هذا الرضيع لم يكن هناك من يعرف عن مأساته إلا القليلون الذين يربطهم شيء من العلاقة مع عائلته ، وشيئاً فشيئاً اتضحت تفصيلات قصة موت غير عادية لهذا الطفل الذي ولد في 1/12/1993م لقد كان على والدة الشهيد أن تتحمل القدر الأكبر من المصيبة ، حيث شاهدت بعينيها كيف ذوى طفلها البريء وانطفأت شمعة حياته على مدى شهرين كاملين . وفي اليوم الأخير كان عليها أن تغمض عينيه بعد أن أرخى العنان لنومة أبدية ، ولكن عينيه بقيتا شاخصتين ليرى مصيبة والدته التي لم تكد تتشافى من معاناة الحمل والولادة، ولم تحتفل سوى بالذكرى الأولى لميلاد آخر العنقود في عائلتها ، كانت الأيام الأخيرة من حياة عقيل مليئة بالمأساة والتراجيديا ، وسببها ليس طبيعياً بل ناجم عن سياسة قمع سلطوية حصدت أرواح العديد من أبناء شعب البحرين الأبي ، فماذا سيقول التاريخ عن ممارسات آل خليفة تجاه شعبهم ؟! في الأيام الأولى للإنتفاضة كانت منطقة البلاد القديم منطلقاً لكل ما حدث بعد ذلك ، فهي المنطقة التي كان يعيش فيها الشيخ علي سلمان الذي أدى اعتقاله في الخامس من ديسمبر 1994 إلى تفجر الانتفاضة ، وكان عقيل يلعب مع اخوته وأخواته يوم الأربعاء السابع من ديسمبر عندما ألقى جلاوزة آل خليفة بحممهم داخل المنزل .. وفجأة امتلأ فناء المنزل بالدخان والغازات المسيلة للدموع ، فيما هشمت رصاصات الجلاوزة جدران المنزل ، يومها كان نصيب ذلك المنزل ثلاث طلقات من الغازات المسيلة للدموع وعدد من الرصاص المطاطي ورصاص صيد الطيور ، لم تكن الأم آنذاك في المنزل بل في أحد المآتم المجاورة ، ولم تكن تعلم بما جرى ، ولكن عندما عادت إلى المنزل رأت أطفالها في حالة يرثى لها ، فعملت لهم إسعافات أولية ، إلا أن حالة عقيل - أصغر أخوته سناً - كانت الأسوأ . ولم تستطع الأم مغادرة المنزل إلى المستشفى لأنه كان محاصراً ، ولكنها عملت المستحيل وأخذته ومعها ابنها الأكبر إلى مستشفى النعيم وأفلتت من يد السلطة الغاشمة ، ورجعت به في اليوم نفسه حيث بقي ثلاثة أيام أخرى وهو يبكي بشكل مستمر ولا ينام الليل ، مع سعال وتقيؤ لا يتوقفان ، فقد تسمم جسمه نتيجة الإطلاق المكثف للغازات السامة داخل منزله ، وفي يوم السبت اللاحق أخذته والدته إلى مركز البلاد القديم حيث أجري له تنفس صناعي ، ولكن لم يتم تحويله إلى مستشفى السلمانية ، إلا أن الأم أخذته عصر ذلك اليوم إلى قسم الطوارئ بمستشفى السلمانية ، فاستغرب الأطباء عندما رأوا حالته وسألوها عن السبب فأخبرتهم بما حدث والخوف يملأ كيانها ، وبقي في المستشفى ثمانية وعشرين يوماً ، وتحسنت صحته قليلاً ، وكانت أمه هي التي تقدم له الدواء والأوكسجين حيث لم يعبأ به موظفو المستشفى كثيراً ، وبعد ذلك اخبرها الأطباء انهم سوف يعطونه دواء جديداً للتجربة لمعرفة مدى تقبله له وأثره عليه ! إلا أن وضعه ازداد سوءاً ، وتورم جسمه بأكمله وأصبح ثقيل الجسد وضعف تنفسه ، ثم بدأ جسمه يضعف ويتلاشى شيئاً فشيئاً حتى أصبح هيكلاً عظيماً ! وعلى أثر تلك الانتكاسة في صحة ابنها، أخذته أمّه إلى عيادة خاصة وقيل لها أنه يعاني من ضيق شديد في التنفس ، ومع ذلك فقد كان يلعب مع أخوته ، وقبل يومين من وفاته تردّت صحته بشكل أكبر ، ولم يفدها كثيراً أخذه إلى المستشفى.. وبينما كانت منشغلة بشؤون البيت وهي تسمع سعاله ، التفتت فجأة إلى توقفه تماماً عن السعال ، فهرعت إليه وإذا به ممدداً على السرير وعيناه شاخصتان ، فبدأت بالصراخ ولطم الصدر وهي تقول : " ما الذي عجل بك إلى الموت يا ولدي ؟!" ثم أدركها حسها الإيماني إلى قبول الأمر الواقع وقالت : " أمانة عادت إلى صاحبها ". قصة أخرى من المآسي الإنسانية لهذا الشعب تحت حكم آل خليفة، وروح أخرى تزهقها قوى الظلم والاستبداد ، وزهرة طرية تذبل بالغازات القاتلة ، فهل بعد هذا من عذر للقتلة ؟!
__________________