مواجهة السلام: الاستيطان ومعارضو الصهيونية
غيرشون باسكن-ينشر بالتعاون مع كومند جراوند
السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012: هذا هو اليوم الذي يقف فيه باراك أوباما للانتخاب لفترة رئاسية ثانية.
سوف يكون بحلول نوفمبر 2010 منغمساً بعمق في الحملة الانتخابية، وسيكون معظم تركيزه على وسط أميركا وليس على الشرق الأوسط.
تعقد الانتخابات المرحلية للكونغرس في الثاني من نوفمبر، حيث يقف جميع أعضاء مجلس نواب الأمة وعددهم 435 ممثلاً، و43 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة أمام الناخبين.
يشكّل التقويم السياسي الأميركي خريطة لنافذة الفرص التي قد تتواجد لدفع عجلة السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
ليست هناك أية فرصة لاتفاقية في غياب مشاركة رئاسية أميركية مباشرة وحاسمة. سوف يكون أوباما قادراً بعد الثالث من نوفمبر على تحرير بعض الوقت والمساحة السياسية على أجندته للانخراط بشكل مباشر في التفاوض على اتفاقية سلام.
سوف تكون لديه حوالي سنة واحدة يستطيع فيها تكريس الوقت والرصيد السياسي لهذه المهمة. بعد ذلك سوف يعود إلى مسار الحملة الانتخابية، وإما أن يضع نجاحه في الشرق الأوسط على رأس حملته، أو يقوم بدفن فشله ويشرح سبب كون الوضع قضية لا أمل بها «ولكنني فعلت كل ما يستطيع بشر أن يفعله لمساعدتهم على حل نزاعهم».
ولكن حتى قبل أن نصل إلى الثالث من نوفمبر، يقفز تاريخ آخر عن التقويم وأضواؤه الحمراء تومض، وهو 26 سبتمبر/ أيلول، نهاية الامتناع عن بناء المستوطنات الجديدة. إذا قامت الدولة بإطلاق حملة جديدة لبناء المستوطنات كما وعد كبار أعضاء المجلس الوزاري، فسوف تموت عملية السلام التي تعاني سكرات الموت أصلاً. من الواضح أن جهود الوسيط الدولي جورج ميتشل مركزة في الوقت الراهن على توفير جرعة من الأدرينالين على صورة الانتقال إلى المحادثات المباشرة للإبقاء على حياة العملية السلمية.
الفكرة هنا هي أنه إذا بدأت المفاوضات المباشرة فسوف يتمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من تمديد وقف بناء المستوطنات لعدد من الأشهر لإعطاء المحادثات فرصة للنجاح. وحتى لو انخرط في هذه المعادلة فسوف يحاول الوصول إلى تفاهم مع أوباما بإمكانية استئناف البناء داخل التجمعات الاستيطانية لأنه سيتم ضمّها إلى إسرائيل ضمن إطار الاتفاقية.
سوف يرفض الفلسطينيون بالتأكيد أي تفاهم كهذا، مشيرين إلى أن تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات هو متطلب للمفاوضات المباشرة؛ لأنه في غياب ذلك ينعدم وجود نية مثبتة للانسحاب في يوم من الأيام من الضفة الغربية والسماح بإيجاد دولة فلسطينية.
لقد تم وضع إطار المفاوضات. هناك نافذة مدّتها حوالي سنة واحدة للتوصل إلى اتفاق. بحلول نهاية العام 2011 تكون خطة فيّاض لإيجاد مؤسسات الدولة الفلسطينية قد وصلت نهايتها.
سوف يكون الفلسطينيون تواقون أكثر من أي وقت مضى لأن يصبحوا مستقلين ومعترفاً بهم من قبل المجتمع الدولي كعضو كامل الأهلية في مجتمع الأمم. سوف يتوقون ويعملون باتجاه العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وعقوبات ضد إسرائيل إذا لم تكن هناك عملية سلام حقيقية نتيجة لاستمرار نشاطات الاستيطان، وصلت مراحل متقدمة في التوصل إلى اتفاقية.
وفي الوقت نفسه، سوف يتوجهون على الأرجح إلى قاعدتهم الانتخابية. في غياب تقدّم على الجبهة الدبلوماسية، من غير المحتمل أن تتمكن القيادة الحالية العملية والمعتدلة من إدامة ذاتها. فقد صرح الرئيس محمود عباس عن نيته عدم الترشّح لإعادة الانتخاب. وباستثناء سلام فياض، الذي لا ينتمي إلى أي حزب أو حركة ذات أهمية تدعمه فإن ساحة المرشحين المحتملين أقل وعداً إلى درجة بعيدة في التوصل إلى اتفاقية محتملة من القادة الحاليين.
لم يكن عنصر الزمن للتوصل إلى السلام في يوم من الأيام أكثر وضوحاً وأكثر إلحاحاً. الساعة تدق، والوقت يمضي بسرعة. لم أتكلم في يوم من الأيام خلال السنوات الاثنتين والثلاثين التي قضيتها أعمل في دفع عجلة السلام عن موعد محدد.
إلا أن ذلك قد آن أوانه اليوم، وليس عنصر الوقت إلى جانبنا.
أستطيع القول، إذا كان ذلك يجعل أحداً يشعر بوضع أفضل، إن الوقت ليس في صالحهم كذلك. الوقت يمر بسرعة لكلينا.
ليس هناك من حل للنزاع سوى «دولتين لشعبين». هناك احتمال كبير بأنه عندما تغلق نافذة الفرص في نهاية العام 2011 لن تكون هناك أية احتمالات حقيقية في التوصل إلى اتفاقية متفاوض عليها. قد لا تكون هناك قيادة فلسطينية معتدلة وعملية تستطيع التفاوض معها، وقد لا تكون هناك غالبية من الفلسطينيين تقبل بهذا الحل.
الأمر برمّته اليوم في يدي نتنياهو، هو الرجل الذي يستطيع تحقيق ذلك. لقد أصبحت قضية المستوطنات العنصر الأول في تقرير ما إذا كان بالإمكان عقد مفاوضات ذات مصداقية. نتنياهو هو الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي يستطيع أن يقول إن الهدف الأولي للصهيونية اليوم هو توحيد دولة إسرائيل داخل حدود متفاوض عليها ومعترف بها. وهذا يعني أن المؤسسة الصهيونية يجب أن تركز انتباهها على تقوية وتدعيم ما لدينا، وعلى تحويل إسرائيل إلى الدولة المثالية التي حلم بها ثيودور هيرتزل. وحتى يتسنى تحقيق ذلك سوف يكون حتى من الضروري القول بصوت مرتفع وواضح إن هؤلاء الذين يرغبون بالاستمرار في بناء المستوطنات هم معادون للصهيونية، ويعملون ضد الرؤية الصهيونية ويقودون الحركة الصهيونية نحو الانتحار الوطني. الصهيوني الحقيقي اليوم هو ذلك الذي يعمل من أجل السلام، وعدو الصهيونية هو ذلك الذي يسعى لمنع السلام من خلال بناء المزيد من المستوطنات. الصهيونية الحقيقية هي استدامة دولة إسرائيل، والتهديد الأعظم لهذه الاستدامة هو استمرار النزاع مع الشعب الفلسطيني
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2884 - الجمعة 30 يوليو 2010م الموافق 17 شعبان 1431هـ