في 2011 كانت البداية
اليوم هو الأخير في العام الأسرع مضيّاً، والأكثر أحداثاً، والأروع شعبيّاً والأوحش سلطويّاً.
2011، العام الذي عشقته الشعوب العربية، وكرهته أنظمتها، وهو العام الذي ستحفر الشعوب ذكراه في تاريخها النضالي، والذي ستسعى الأنظمة إلى محوه قدر استطاعتها على اعتباره عاماً كئيباً حزيناً مغبراً ومظلماً وقاتماً.
2011، أعطى العزة للعرب، وأكد أن الشعوب العربية حية حرة أبية، قادرة على التغيير حتى وإن تأخر.
ربما يكون العام 2011 هو العام الوحيد على مدى القرنين الماضيين الذي يمكن من خلاله أن ينظر الغرب إلى العرب على أنهم صناع للتغيير، وليسوا مستهلكين فقط، على أنهم قادرون على أن يجاروا ثوراتهم وحركاتهم التغييرية والتصحيحية، بدمائهم الزكية التي غطت بقاعاً شاسعة.
الشباب العربي ألهم العالم بثوراته وتضحياته، حتى أجبر بعضها على التحرك في الكثير من العواصم الغربية، وترديد شعاراتها بلغة عربية وبلكنتهم الأجنبية، وأصبحنا كعرب نصدر الثورة للغرب، وهو الأمر الذي لم يتخيله أحدٌ أبداً.
إنه عام الحرية والمجد والخلود لكل الشعوب العربية الثائرة الطامحة إلى التغيير والعزة والكرامة. عامٌ جسد حقيقة الشعوب العربية التي كانت تعيش تحت وطأة الظلم والقهر والسياط في زنازين الاستعباد.
2011 عام البداية وبالتأكيد لن تكون فيه النهاية، فـ 2012 عام الحصاد للشعوب التي لاتزال تطمح إلى الحرية ورفض العبودية. 2012 عام جديد، قد يكون مستوحشاً في بعض عواصمنا العربية، فنار الثورات لاتزالت مشتعلة، وقد تشتعل في عواصم جديدة.
2012 عام ستخيب فيه كل التوقعات، وستنجح فيه الشعوب بفرض إرادتها وعلى الأنظمة. 2012 عام ستكثر فيه تساقط أوراق التوت، ليمر شعاع نور شمس الحرية ليلامس أرض عواصمنا العربية.
في بحريننا العزيزة مرّ العام 2011، ولايزال البعض يعتقد أن البحرين خارج الربيع العربي، بل لايزال غير مقتنع بأن الناس في هذا البلد يطمحون إلى التغيير، ويحلمون بالديمقراطية الحقيقية، وأن يكون مصيرهم بيدهم.
سيمر عام كامل قريباً بعد شهرين على انطلاقة الحياة، ولاتزال الناس صابرة، تنتظر الحل للخروج من أزمتهم الخانقة، ولا أفق يبشر بخير. يعتقد البعض أن الأزمة انتهت، وأن كل شيء بخير والحمد لله ولا مشاكل. هؤلاء لايزالون يعيشون في عالم غير عالمنا بعيداً عن واقعنا.
البحرين في 2012 تحتاج إلى حلول حقيقية جذرية، ترضي الجميع، ولا تحتاج إلى حلول التفافية وإعلامية.
البحرين في 2012 لا تحتاج إلى إعلام مريض يفاقم الأزمة ويزيد الاحتقان، ولا للجان أكثر من اللجان التي غرقنا فيها، ما سنحتاج إليه فقط هو الاعتراف أولاً بالأزمة، ومن ثم حلها.
لا أعتقد أن العام 2012 سيكون أفضل من العام 2011 في حال استمرت السلطة على منهجيتها ذاتها في التعاطي مع ما يحدث، وقد ينفلت الوضع ونعود من جديد إلى المربع ذاته الذي شهدناه مطلع العام 2011.
من حق الناس أن تحلم بالتغيير، ومن حقها أن ترى بلدها يعيش بديمقراطية حقيقية كاملة، وبحكومة تمثل الإرادة الشعبية، وسلطة تشريعية كاملة الصلاحيات، ودوائر انتخابية عادلة وقضاء مستقل.
من حقنا كشعوب عربية، أن نعيش كباقي البشر، أعزاء على أرضنا
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3402 - السبت 31 ديسمبر 2011م الموافق 06 صفر 1433هـ