البحرين يجب ألا تخشى «مجتمع المعلومات»
في العام 2005، انعقدت أول قمة للمؤتمر العالمي لمجتمع المعلومات في تونس... حينها كانت البحرين واحدة من الدول التي تفتخر بمشاركتها في هذا المؤتمر. لكن اهتمام البحرين بقمة العام 2012 للمؤتمر العالمي لمجتمع المعلومات المنعقدة في جنيف على مدى أربعة أيام هذا الأسبوع، لا يُذكر ولا يمكن مقارنته بالأعوام الماضية.
العالم احتفل باليوم العالمي لمجتمع المعلومات في (17 مايو / أيار)، ولعلنا في البحرين أصبحت أولوياتنا تختلف الآن، ولم تعد قضايا استراتيجية تهمنا كما كان في السابق. ولعل الشخصيات الفاعلة بشكل استراتيجي في قطاع المعلومات ليس لها صوت، وأحد الفاعلين هو الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم العمل المرحوم علي رضي الذي توفي في (13 أبريل/ نيسان 2012)، وكان من أهم البحرينيين المميزين في قطاع تقنية المعلومات، ولكن البحرين حُرمت من قدراته العام الماضي، قبل ان يلتحق إلى الرفيق الأعلى.
كتبت مقالاً في 2005 قبيل انعقاد القمة الأولى لمجتمع المعلومات، وقلت فيه إن من المفارقات أن واحداً من أكبر المنظرين للمجتمع المعلوماتي والمعرفي، المفكر الأميركي «بيتر دركر» توفي قبيل انعقاد ذلك المؤتمر بأيام (في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005)، ولم يشهد كيف أن قادة العالم توصلوا إلى الأفكار ذاتها التي كان يتحدث عنها قبل أكثر من ثلاثة عقود من انعقاد القمة.
وكان بيتر دركر يقول أيضاً إن «الثورة المعلوماتية» ستغير المفاهيم في كل مجال من مجالات الحياة، وإن عصر «الدولة القومية» بمفهومها القديم ولى إلى غير عودة بسبب «ثورة المعلومات الصامتة». وقال إن البلدان والشركات التي ستنجح في العصر الحالي؛ هي تلك التي تتقدم في «إنتاجية المعرفة»، بمعنى القدرة على خلق المعرفة، اكتسابها، تخزينها، تطويرها، وتشغيلها على أرض الواقع.
واليوم نشهد كيف أن مواقع التواصل الاجتماعي التي انطلقت في السنوات القليلة الماضية؛ بدأت تغير مفاهيم السياسة والاجتماع، وتملأ الفراغ الذي أحدثه غياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة، وكيف أن هذه المواقع أصبحت لاعباً رئيسياًّ في أحداث الربيع العربي في 2011.
كانت أول قمة لمجتمع المعلومات قد عقدت في تونس في 2005، والربيع العربي انطلق من تونس أولاً في 2011... وهذا يبين لنا دوراً استراتيجياًّ لتقنية المعلومات في تمكين مجتمعات من القيام بدورهم والتعبير عن آرائهم فيما يخصهم من الشئون العامة.
وقد ذكر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة له بمناسبة انعقاد قمة 2012 أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لها دور محوري آخر، وذلك «في مساعدة البلدان والشعوب في التغلب على الفقر والجوع والمرض، ففي السنوات الأخيرة؛ كانت هناك ثورة في الإبداع التكنولوجي، وأصبح بالإمكان استخدام الهواتف النقالة والتجارة الإلكترونية وغيرها».
كانت القمة العالمية لمجتمع المعلومات دعت في (نوفمبر/ تشرين الثاني 2005) الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعلان (17 مايو) يوماً عالمياًّ لمجتمع المعلومات من أجل التركيز على أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومجموعة القضايا المتعددة المتعلقة بمجتمع المعلومات التي أثارتها القمة العالمية، وقد استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة لذلك، وأعلنت «17 مايو من كل عام يوماً عالمياًّ لمجتمع المعلومات».
وبالعودة إلى أخبار 2005، نجد أن البحرين كانت قد أعلنت مشاركتها في تلك القمة العالمية بحماس كبير، وقامت الوزارات والهيئات التابعة إلى الحكومة آنذاك بعرض تجاربها ومنتجاتها ومبادراتها الإلكترونية في وزارة المواصلات، وزارة الصناعة والتجارة، وزارة التربية والتعليم، وزارة شئون البلديات والزراعة، المجلس الأعلى للمرأة، الجهاز المركزي للمعلومات، بدالة انترنت البحرين، جامعة البحرين، هيئة تنظيم الاتصالات، ومؤسسات من القطاع الخاص.
وأعلنت عدة جهات سرورها بالفوز بالتقدير في عدد من مشاركاتها، وهو أمر بلا شك تستحقه البحرين؛ لأنها كانت في مقدمة من أدخل تقنية المعلومات في العديد من المجالات، وحازت البحرين جائزتين في قمة 2005 بتونس، هما: التأشيرة الإلكترونية من قبل الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، وبوابة المرأة من قبل المجلس الأعلى للمرأة.
لكن من المفارقات حالياً أن تعلن منظمة «مراسلون بلا حدود» أن البحرين أصبحت من أعداء الإنترنت. إنه لمن المؤسف أن نجد مفارقة كبيرة في اهتمام البحرين بكل ما يخص تقنية المعلومات في السنوات الماضية، ونرى حالياًّ أن هناك من يخشى هذا التطور التكنولوجي الذي يساهم في رفع شأن المجتمعات اقتصادياًّ وسياسياًّ في كل مكان. إن البحرين حققت إنجازات في السعي نحو تحقيق «مجتمع المعلومات»، ويحب أن نفخر بذلك وأن ننفتح أكثر على عصرنا، بدلاً من الارتعاب والارتداد الى الوراء.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3541 - الجمعة 18 مايو 2012م الموافق 27 جمادى الآخرة 1433هـ