الحل زيادة رواتب المتقاعدين!
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
أخيراً... اكتشفنا أن المطلب الملحّ جداً لشعب البحرين العربي المسلم هو زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين... وكنا نعتقد لسنوات طويلة، أن المطلب الملحّ هو الديمقراطية الحقيقية وحفظ كرامة البشر وتطبيق مبدأ «الشعب مصدر السلطات جميعاً»!
هذا الاكتشاف جاء على لسان رئيس تجمعٍ يضم عشر جمعيات يقال إنها سياسية، وأطلقت على نفسها اسم «الائتلاف»، وأعلنت قبل أسبوع أنها تؤيد الديمقرطية ولكنها ترفض مبدأ الحكومة المنتخبة، وادّعت أنها تمثل أغلبية الشعب بما فيه من شيعة وسنة ومسيح وبوذيين وبهرة وحتى الملحدين، ولكنها ترفض رفضاً قاطعاً الاستفتاء لمعرفة رأي الشعب!
في آخر فتاواه السياسية، أعلن رئيس التجمع أن زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وموظفي القطاع الخاص، هو المطلب الأكبر، لما له من أثر في رفع المستوى المعيشي للأسر من جانب، وضخ سيولة نقدية تؤثر على انتعاش السوق التجاري المحلي وتحريكه من جانب آخر. وهي نظرية اقتصادية جديدة من شأنها أن تنقذ أسواق البورصة العربية من الانهيار، خصوصاً من جهة «إنعاش السوق التجاري المحلي» الذي يحتاج إلى بعض السيولة الميتافيزيقية.
التجمع أعلن في بيان أخير، أصدره في أعقاب اجتماع رسمي صبيحة الثلثاء الماضي، أن وفده بيّن المطالب «السياسية» التي تهدف لتحقيق أربعة أهداف رئيسية وهي: تحقيق الأمن والأمان للوطن ولجميع المواطنين والمقيمين (وليس ناس دون ناس)، والاستفادة من الطاقات الشبابية وقدراتهم في التنمية والإدارة (وليس فصلهم من أعمالهم وقطع أرزاقهم...)، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وزيادة الثقة في مجال استثمار المال الخليجي والعالمي في البحرين، ورفع المستوى المعيشي للموظفين في القطاع العام والقطاع الخاص والمتقاعدين»، وكنا نظن أن هذه ثلاثة أرباعها مطالب اقتصادية ولكن البيان أوضح لنا أنها سياسية بل ودبلوماسية أيضاً!
الوفد - جزاه الله خيراً - نقل للمسئولين مشاكل المواطنين في الإسكان وعدم تطبيق الأوامر الرسمية السابقة لزيادة الرواتب في عدد من المؤسسات ومن بينها جامعة البحرين (ولا ندري لماذا جامعة البحرين فقط...!)، بالإضافة إلى موضوع تعويض المتضرّرين من الأزمة وضرورة النظر في الأضرار التي تعرّضوا لها ومازالوا يعانون منها، وشمل ذلك الشارع التجاري (ولا ندري دوافع الوفد للدفاع عن الشارع التجاري الذي لديه غرفةٌ كبيرةٌ تدافع عن مصالحه).
كما هو واضحٌ من البيان، وكذلك من الأخبار المنشورة والتصريحات التي تصدر باستمرار عن أعضاء الوفد، سيطرة الجانب الاقتصادي على تفكير أعضاء الوفد بحيث تحولت إلى مطالب ملحّة جداً، ما يؤكّد صحة النظرية الماركسية اللينينية من أن الاقتصاد هو محرّك الحياة! كما يؤكد التهويدة الشعبية التي تقال للأطفال: «صندوقي ماله مفتاح. والمفتاح عند الحداد. والحدّاد يبغي فلوس. والفلوس عند العروس. والعروس تبغي رجل».
لقد اكتشفنا مؤخراً، وبعد عامين ما يسمى بالربيع العربي، أن أهم شيء في الدنيا زيادة الرواتب، حتى لو كانت خمسة دنانير في السنة، وهي خير وبركة، ولا تحتاج إلى برلمان ولا انتخابات حرة نزيهة ولا نواب ولا شورى ولا دوائر انتخابية ولا مربعات.
إن تحقيق زيادة الرواتب هو الأصل في الحياة الدنيا، وليس الحياة الديمقراطية الحقيقية ولا الدستور ولا القوانين، فضلاً عن العدل والتوزيع العادل للثروة والمساواة أمام القانون... وما يدعى «كرامة» و «حرية» و «حقوق إنسان» وغيرها من الخرابيط!
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3828 - الجمعة 01 مارس 2013م الموافق 18 ربيع الثاني 1434هـ