شبكة النبأ: تهز تركيا حركة الاحتجاجية مضطردة اشعلت اخطر ازمة سياسية منذ تسلم الحكومة الإسلامية المحافظة السلطة في تركيا في 2002. ففي الاونة الأخيرة سقطت تركيا في أتون فوضى امنية وسياسية كبرى، وذلك نتيجة تصاعد الاحتجاجات والاضطرابات بشكل غير مسبوق ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وتحولت بعض هذه الاحتجاجات الشعبية المستمرة ضد إعادة تطوير حديقة جيزي في ميدان تقسيم إلى غضب لم يسبق له مثيل ضد ما يقول محتجون انه تسلط من جانب أردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية مما ادى الى اسوأ اعمال عنف منذ عشرات السنين. لتدخل المظاهرات التركية مرحلة جديدة من الصراع السياسي اكثر شراسة، على الرغم النداءات المتكررة لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بالوقف الفوري واعتذار الحكومة للشارع في تركيا، الا ان المتظاهرين الاتراك يبدون اكثر تصميما على مواصلة تحركهم ضد رئيس الوزراء التركي فقد ترجمة تظاهرات تركيا التي احتل الاف المتظاهرين فيها ساحة تقسيم الغضب شعبي على انحراف استبدادي لاردوغان. فيما عبرت حكومات غربية منها الولايات المتحدة التي ترى تركيا عضوا هاما في حلف شمال الاطلسي في منطقة الشرق الاوسط لها حدود مع كل من ايران والعراق وسوريا عن قلقها من اساليب العنف التي استخدمتها الشرطة. حيث اثار قمع عنيف من قبل الشرطة لتجمع ضد تطوير حديقة غازي موجة احتجاج غير مسبوقة في مدن في شتى انحاء تركيا وعاصفة من الانتقادات الحادة داخل تركيا وخارجها للقوة المفرطة من جانب الشرطة في مواجهة المتظاهرين. إذ يرى الكثير من المحللين إن أسلوب اردوغان في السنوات القليلة الماضية أصبح استبداديا. و تتعرض وسائل الاعلام لضغوط وكذلك أثار القبض على شخصيات عسكرية ومدنية في مؤامرات انقلاب مزعومة وخطوات أخرى مثل القيود على بعض الحريات والحقوق قلق الطبقة المتوسطة العلمانية التي تخشى من أي اقحام للدين في حياتها اليومية. لكن في الوقت نفسه لم يخف اردوغان طموحه لخوض انتخابات الرئاسة بعد أن تنتهي فترة ولايته الثالثة كرئيس للوزراء رغم أن حزب العدالة والتنمية قد يغير أيضا اللائحة الداخلية للحزب بما يسمح لاردوغان بالسعي للترشح لفترة رابعة كرئيس للوزراء. لكن الحركة المناهضة لاردوغان التي لا تتراجع في تركيا أضعفت امال الزعيم التركي وشعبيته بدرجة كبيرة جدا كما جسدتها الاحتجاجات التركية المحمومة. في حين يعزو الكثير من المراقبين هذه الممارسات التعسفية من لدن السلطات الاستبدادية ضد الشعب، الى انها تتبع سياسية تكيل بمكيالين، فهي تناشد بالحرية وتطالب بالحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية من جهة للدول الخارجية، ومن جهة أخرى تستخدم هذه الدول كل وسائل ضد شعبها، فعلى الرغم من التحركات الإقليمية للنظام الاستبدادي في تركيا والذي يحكم منذ عقد تقربيا، في تدويل الأزمات داخل سوريا والعراق وبلدان أخرى، لكي تبعد الأزمات عنها، كونها تعيش نفس الهواجس والتحديات، على الصعيد الامني ومجالات اخرى ايضا، فهي تناقض نفسها بحيث تغض النظر عن انتهاكات صارخة في بلدانها، وتظهر نفسها دولة يسودها احترام حقوق الإنسان أمام العالم، والواقع عكس ذلك تماما. حيث يرى الكثير من المحللين ان هذا التصعيد السياسي المضطرد في تركيا، هو نتيجة للسياسة التخبط المتبعة في التدخلات الخارجية بهدف لعب دور اقيلمي، حيث ترجم الاحتجاج الشعبي الذي انطلق من مجموعة صغيرة من ناشطي الجمعيات واشتعل في اسطنبول ومدن اخرى في تركيا، غضب الاتراك على حكومة تحتكر كل السلطات منذ عشر سنوات وعبر الجميع عن الغضب المتراكم على سياسة الحكومة المنبثقة من التيار الاسلامي المحافظ الذي اججه العنف والقمع البوليسي. وعليه فكما يبدو من المعطيات آنفة الذكر أن العلاقة بين السلطة والمحتجين وصلت مرحلة حساسة مع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، مما يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد ومكلفة الخسائر. اقتحام ميدان تقسيم باسطنبول في سياق متصل اشتبكت شرطة مكافحة الشغب التركية في معارك متواصلة مع جيوب المحتجين خلال الليل بعد اقتحام ميدان تقسيم بوسط مدينة اسطنبول في استعراض للقوة يخاطر بتصعيد التوترات بعد نحو اسبوعين من بدء المظاهرات المناهضة للحكومة، ومن المتوقع ان يلتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مع زعماء الاحتجاج على الرغم من ان مجموعة اساسية في حركة الاحتجاج قالت انها لم تدع لحضور الاجتماع وانها لم تكن ستحضره على اية حال، واطلقت الشرطة وابلا من عبوات الغاز المسيل للدموع في وسط حشد من الاف المتظاهرين بميدان تقسيم دون سابق انذار عند حلول الظلام، وكان من بين الحشد اشخاص في ملابس رسمية تجمعوا بعد العمل وعائلات معها اطفال بالاضافة الى شبان كانوا يرتدون اقنعة وخاضوا مناوشات مع الشرطة طوال اليوم. واجبرت سحب دخان خانقة من الغاز المسيل للدموع المتظاهرين على التفرق في الشوارع الجانبية. ورفع موظفون في فنادق محيطة بالميدان الابواب بما يكفي للسماح للناس بالزحف الى الداخل للاحتماء في الوقت الذي جابت فيه مركبات مدافع المياه الميدان مستهدفة الشبان رماة الاحجار، وقوبل القمع العنيف للاحتجاجات المبدئية ضد اعادة تطوير متنزه غازي بادانة دولية ودعوات لضبط النفس. وجاء احدث تحرك من جانب الشرطة بعد يوم من موافقة اردوغان على لقاء زعماء الاحتجاج الذين شاركوا في المظاهرات التي اندلعت في باديء الامر. وقال عضو في منبر تضامن تقسيم وهو احدى الجماعات الاساسية التي تقف وراء حملة متنزه غازي "ليس هناك مجال للحوار مع استمرار العنف"، ورددت مجموعات من المتظاهرين هتافات تسخر من الشرطة في الازقة الضيقة المؤدية لمضيق البوسفور في ساعة متأخرة من الليلة مما دفع الشرطة لاطلاق المزيد من الغاز المسيل للدموع وزخات من مدافع المياه، واستخدم عمال المجلس المحلي جرافات لازالة بقايا مركبات مدمرة وتطهير الميدان، واستخدمت الشرطة ايضا مدافع المياه لتفريق محتجين في قلب العاصمة انقرة. بحسب رويترز. ودعا اردوغان المحتجين في وقت سابق للابتعاد عن تقسيم حيث اثار قمع عنيف من قبل الشرطة لتجمع ضد تطوير حديقة غازي موجة احتجاج غير مسبوقة في مدن في شتى انحاء تركيا قبل اسبوعين تقريبا، وتحول متنزه غازي الى مدينة خيام يعتصم فيها يساريون ومدافعون عن البيئة وليبراليون وطلاب ومهنيون يرون ان خطة التطوير اشارة لحكومة متعجرفة، وقالت السلطات انه سيتم السماح ببقاء المحتجين الشرعيين في المتنزه في الوقت الحالي. وظل المحتجون معتصمين. وتمثل الاحتجاجات التي استخدم خلالها المتظاهرون الالعاب النارية وقنابل البنزين تحديا صارخا لسلطة اردوغان. وقال اردوغان الذي ينفي اتهامات بان سلوكه استبدادي انه لن يرضخ، واضاف اردوغان مع بدء حملة اخلاء الميدان "يقولون ان رئيس الوزراء فظ فماذا كانوا ينتظرون؟ أكنا سنركع أمام هؤلاء؟، واردف قائلا خلال اجتماع للمجموعة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية "إذا اعتبرتم هذا فظاظة فأنا آسف لكن هذا الطيب اردوغان لن يتغير"، وابدت الدول الغربية قلقها بشأن الاضطرابات في حليف مهم بحلف شمال الاطلسي مجاور لسوريا والعراق وايران. ودعمت الولايات المتحدة في الماضي تركيا بزعامة اردوغان بوصفها ديمقراطية اسلامية يمكن محاكاتها في مناطق اخرى بالشرق الاوسط، وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض كاتلين هايدن في بيان "نواصل متابعة الاحداث في تركيا بقلق ومازال اهتمامنا دعم حرية التعبير والتجمع بما في ذلك حق الاحتجاج السلمي، "نعتقد ان افضل ما يضمن استقرار تركيا على المدى الطويل هو تعزيز الحريات الاساسية المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين جماعات ووجود اعلام حر ومستقل. تركيا صديق وحليف وثيق للولايات المتحدة ونتوقع ان تعزز السلطات التركية هذه الحريات الاساسية." انتخابات مبكرة والاف يتحدون دعوة لانهاء الاحتجاجات على الصعيد نفسه رفض حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إجراء انتخابات مبكرة في حين تحدى آلاف المتظاهرين دعوته لانهاء الاحتجاجات فورا، وقال حسين جيليك نائب رئيس الحزب الذي أسسه اردوغان منذ أكثر من عشر سنوات إن الانتخابات المحلية والرئاسية ستجرى في مواعيدها المقررة العام القادم وإن الانتخابات العامة ستجرى في 2015، وقال للصحفيين بعد اجتماع للجنة التنفيذية للحزب في اسطنبول "الحكومة تعمل بانتظام. لا شيء يستوجب إجراء انتخابات مبكرة."، ومضى يقول "العالم يواجه أزمة اقتصادية والأمور تسير بشكل جيد في تركيا. الانتخابات لا تجرى لمجرد ان هناك متظاهرين في الشوارع"، وقال مسؤولون في حزب العدالة والتنمية انهم ناقشوا الدعوة لتجمع حاشد لانصارهم في اسطنبول او انقرة ولكن لم يتم اتخاذ قرار بعد مع حث بعض الشخصيات في الحزب على ضبط النفس خشية اثارة الوضع في الشوارع. وفي مظهر نادر للوحدة قام مشجعون لأندية كرة القدم الرئيسية الثلاثة في اسطنبول وهي بشيكطاش وغلطة سراي وفناربخشة والذين ساعدوا في تنظيم بعض الاحتجاجات بمسيرة في ميدان تقسيم وهم يرددون هتافات تطالب اردوغان بالاستقالة وتدعو إلى "التكاتف في مواجهة الفاشية". واحتج الاف في برلين حيث توجد جالية تركية ضخمة ملوحين بالاعلام التركية وهم يهتفون"احتلوا جازي"، ولم يشر اردوغان الى اي خطط لتطهير ميدان تقسيم والذي اقام المحتجون حوله عشرات من الحواجز المصنوعة من حجارة تم اقتلاعها من الارصفة وعلامات شوارع وعربات مدمرة وحديد مغلقين جزء من وسط المدينة. وصاح عضو في الحزب الشيوعي التركي عبر مكبر للصوت أمام حشد من فوق حافلة صغيرة في ميدان تقسيم "فليهاجموننا لكنهم لن يستطيعوا منعنا"، وتوجد فنادق فاخرة في الميدان الذي يشهد نشاطا تجاريا كبيرا مع بدء موسم الصيف في المدينة التي تعد من أهم المقاصد السياحية في العالم. ولكن اي اجلاء للمتظاهرين بالقوة يمكن ان يؤدي الى تكرار الاشتباكات التي وقعت في الأسبوع الماضي، وتمثل التجمعات تحديا لزعيم تستند سلطته إلى ثلاثة انتصارات انتخابية متتالية ويتعامل اردوغان مع الاحتجاجات باعتبارها تحديا شخصيا. وقال وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفلة لصحيفة فيلت ام زونتاج ان" تركيا دولة ديمقراطية وستثبت قدرتها على ادارة الامور في مواجهة هذه الاحتجاجات، "رئيس الوزراء اردوغان عليه مسؤولية خاصة لتهدئة الوضع وعليه ان يكون مدركا لذلك"، وقال جيليك إن الاحتجاجات نوقشت "بالتفصيل" في اجتماع الحزب لكن مسألة الانتخابات المبكرة لم تدرج في جدول الأعمال، وقال "إن الحكومة التي لا تحظى بثقة الشعب لا يمكن أن تكون دائمة. وصلتنا رسالة الاحتجاجات ونحترم ذلك ولكن لا شيء يدعو للاحترام بالنسبة لأناس يرشقون بالحجارة"، وأوضح أردوغان أنه ليس لديه نيه للاستقالة مشيرا إلى فوزه بخمسين في المئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. كما لا يوجد منافس لاردوغان سواء داخل حزبه او خارجه، وقال برلماني اوروبي سابق واكاديمي يتخذ من اسطنبول مقرا له ان هذه "الاحتجاجات الى حد ما نتيجة نجاحه في التحول الاقتصادي والاجتماعي. هناك جيل جديد لا يريد ان يتنمر عليه رئيس الوزراء ويخشى (هذا الجيل)ان يكون اسلوبه في الحياة في خطر." الغرب ينتقد القمع في الوقت نفسه وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اشارة تهدئة الى المتظاهرين الذين يطالبون منذ ثمانية ايام باستقالته، وذلك بعد انتقادات اوروبية جديدة لعنف قوات الامن التركية، وقال خلال مؤتمر في اسطنبول حول اوروبا "نحن ضد العنف والهمجية والاعمال التي تهدد الاخرين باسم الحريات" لكن "نستقبل بصدر رحب اولئك الذين ياتون لعرض مطالب ديموقراطية". وقال ستيفان فولي المفوض الاوروبي لشؤون التوسيع "ان اللجوء المفرط للقوة ليس له مكان في (مجتمع) ديموقراطي" مؤكدا ان للمتظاهرين حقا "شرعيا" في التعبير عن معارضتهم. كما طالب باجراء تحقيق "سريع وشفاف" حول اعمال العنف البوليسية، ورغم هذه الملاحظات فان فولي اكد ان الاحتجاجات التركية والتجاوزات الامنية لن يكون لها تاثير على مسيرة انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي المتوقفة منذ سنوات. كما صعدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل لهجتها ضد السلطات التركية مشددة على ضرورة "بحث المشاكل مع شباب البلد" ومطالبة بان "لا يمارس اي عنف على المتظاهرين"، وقال "في اي بلد اوروبي حين تقع احتجاجات عنيفة ضد مشروع هدم من هذا النوع صدقوني من يتورط في ذلك ينال قمعا اشد". الحكومة التركية تحاول اخماد الحريق والمتظاهرون لا يزالون في حالة تعبئة الى ذلك حاولت الحكومة التركية تهدئة حركة الاحتجاج السياسي غير المسبوقة التي تواجهها، داعية المتظاهرين الذين باتوا يحظون بدعم نقابة رئيسية في البلاد الى العودة الى منازلهم، وقال المتحدث باسم الحكومة "اطلب من كل النقابات وكل الاحزاب السياسية وكل الذين يحبون ويفكرون بتركيا ان يقوموا بذلك اليوم"، في حين بدأ اتحاد نقابات القطاع العام، احدى اكبر النقابات المركزية في البلاد، الثلاثاء اضرابا من يومين ضد الترهيب الذي مارسته الدولة. وفي غياب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي يقوم بجولة في المغرب والجزائر، والذي كان هدفا رئيسيا لغضب المتظاهرين، خرج ارينج بعد لقائه الرئيس عبد الله غول بتصريحات تدعو الى التهدئة، وتمثل ذلك اولا في تقديم اعتذاره للعدد الكبير من الجرحى استثنى منها "الذين الحقوا اضرارا في الشوارع وحاولوا اعاقة حرية الناس". بحسب فرانس برس. وفي مؤشر الى قلق الاسواق المالية ازاء استمرار الازمة، تراجعت بورصة اسطنبول 10,47% وكذلك الليرة التركية، واوقعت اعمال العنف في ايام اربعة اكثر من 1500 جريح في اسطنبول و700 في انقرة بحسب منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ونقابات الاطباء. واثار القمع العنيف للتظاهرات الذي تناقلته الشبكات الاجتماعية التركية بشكل واف، انتقادات كثيرة في الدول الغربية ولا سيما في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وطلبت متحدثة باسم المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي من تركيا اجراء تحقيق "سريع وشامل ومستقل وغير منحاز" حول "الشرطيين الذين قد يكونون انتهكوا القانون والمعايير الدولية لحقوق الانسان. |