الفتنة الكبرى (2)
- [ltr][/ltr]
- [ltr]جميل المحاري ... -[/ltr]
- [ltr]jameel.almahari [at] alwasatnews.com[/ltr]
تصغير الخطتكبير الخط
بعد أن سيطر علماء الدين من وعاظ السلاطين على عقول وقلوب الناس البسطاء وأصبحوا أكثر شهرة من نجوم السينما، من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية، من المحطات التي انتشرت كالفطر خلال السنوات القليلة الماضية في عالمنا العربي؛ وبعد أن أصبح هؤلاء العلماء يتقاضون المبالغ الخيالية، ويمتلكون القصور الباذخة والسيارات الفارهة، ويصيّفون في الدول الأوروبية، ولهم من الخدم والحشم ما لدى علية القوم، كان لابد أن يحدث ما حدث.
وبعد أن خصصت أغلب المحطات التلفزيونية والإذاعية الدينية، لنشر الفرقة المذهبية، وتحقير المذاهب المختلفة، بحجة بيان بطلانها، بدل أن تدعو إلى تقارب المسلمين، وبعد أن سطا هؤلاء الوعاظ على عالم السياسة، وأصبحوا يصدرون فتاوى فتح باب الجهاد في دول معينة، ويحرّمون الخروج على الحاكم في دول أخرى، متخلّين عن دورهم السابق في إصدار الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، من إرضاع الكبير، وتحريم الاختلاء بالشاب الجميل، والتداوي ببول الجمال، وجهاد النكاح، كان لابد أن نصل إلى هذه الحالة من الجهل والعنف.
وبعد أن تحالفت ممالك وجمهوريات رجعية تحارب الديمقراطية وتمقت حقوق الإنسان، يعيش المواطن فيها على هامش الحياة في حين يعتبر الحاكم فيها الدولة إقطاعيته الخاصة... مع هؤلاء العلماء حيث جعلوهم من حاشيتهم وأغدقوا عليهم العطايا وأكثروا العطاء، ليكونوا سدّهم المنيع في حال أي احتجاج أو تمرد شعبي، كان لابد أن تتحوّل الصراعات السياسية إلى صراعات مذهبية بفتوى دينية.
مَنْ غير هؤلاء العلماء يتحمّل وزر نحر الناس وقطع رقابهم وأكل أكبادهم، كما يحدث الآن في سورية؟ ومَنْ غيرهم يتحمّل وزر اقتحام البيوت الآمنة وقتل الناس وضربهم وسحلهم في الشوارع، لمجرد أنهم من مذهب آخر، كما حدث قبل يومين في مصر، بعد أن أفتوا بتكفير أتباع المذهب الآخر ووصفوهم بـ «المجوس» و«عبدة النار» و«الصفويين» و«الكفار»، وتعمّدوا أن يحرفوا ما يجري الآن في سورية بتصويرهم إن ما يجري هناك ما هو إلا حرب طائفية بين السنة والشيعة.
من سيتحمل وزر الفتنة الكبرى حين يعم الخراب والدمار ويتقاتل أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، غير المتاجرين بالدين ممن باعوا دينهم بدنياهم؟
في قصيدةٍ له يتنبأ الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب بالخراب المقبل لهذه الأمة حين يؤكد أن «هذه الأمة لابد لها أن تأخذ درساً في التخريب»، لكي تعرف بعد ذلك الخراب الذي سيعم، أن العدل أساس الملك.
جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3944 - الثلثاء 25 يونيو 2013م الموافق 16 شعبان 1434هـ