شبكة النبأ: شكلت جريمة اغتيال الشيخ حسن شحاته الاب الروحي لمعظم المصريين الشيعة في مصر انعطافه خطيرة في تاريخ مصر الحديث، واسقاط مخجل في سفر ما يسمى بالربيع العربي، وثورات التحرر من نير الديكتاتورية السابقة. فما جرى في تلك الجريمة التي يقشعر لها الابدان، عكس بشكل جلي تآمر النظام الإخواني الحاكم في مصر على مواطنيه من جهة، ومدى الانحطاط الفكري والثقافي لدى الكثير من شرائح المجتمع المصري من جهة أخرى، الذي لعبت النظم الاستبدادية دورا كبيرا في اشاعته بين الناس، مما افضى الى هذا الاضمحلال الاخلاقي والحقوقي بين صفوفهم. ولم تكن جريمة اغتيال الشهيد ورفاقه بهذا الشكل بعيدة عن مدلولات سياسية او اجتماعية، اذ اظهرت بصورة واضحة الاجندات السياسية الرائجة في تلك الدولة، بعد انهيار النظام السابق، ودخول الجماعات الاسلام السياسي المتطرفة القادمة من دول الخليج المتخلفة، وهذا ما تجلى في اعتراف صريح لجميع المنظمات الانسانية والحقوقية داخل وخارج مصر. وعودا على ملابسات تلك الجريمة التي نقلتها الكثير من وسائل الاتصال الاجتماعية، كان لتفاصيلها اثارة الغضب العارم في نفوس جميع المسلمين الشيعة في معظم دول العالم، بعد ان بينت لقطات الفيديو محاصرة احد المنازل التي كان يتواجد فيها الفقيد مع ثلة من الشيعة لاحياء مناسبة مولد الامام المهدي عليه السلام في النصف من شهر شعبان. فالوحشية في ارتكاب تلك الجريمة التي اشترك فيها المئات من الفتيان والرجال الجهلاء، وهم يكيلون السباب والشتم للشيعة، مع هتافات التكبير، تؤكد على ان المشاعر الانسانية لدى هؤلاء قد تجردت منهم الى الابد، في تراجيديا مبكية تظهر وحوشا بأجساد البشر، اجهزت على بضعة اشخاص بضربات العصي والحجارة والأيدي والأرجل. وذكر شهود عيان ان "شحاتة كان يحضر احتفالا دينيا مع شيعة القرية بمناسبة ليلة النصف من شعبان". وقال بائع الطيور عبد الله حجازي ان "الشرطة كانت موجودة خلال الاعتداء لكنها لم تتدخل لمنعه". وقال النجار ياسر يحيى الذي كان متواجدا في الحادثة، "عندما علم الاهالي ان حسن شحاتة في القرية طلبوا من صاحب المنزل تسليمه لهم، لكنه رفض ما جعلهم يهاجمون المنزل". واضاف ان "الاهالي احضروا مطارق ضخمة وهدموا جزءا من حائط المنزل واخرجوا الشيعة واحدا تلو الاخر ثم قتلوهم ضربا في تلك الساحة"، مشيرا الى ساحة كبيرة امام ورشته شهدت واقعة السحل والقتل". فيما قال مصمم الاثاث سامح المصري "حاولت انقاذهم لكن الاهالي كانوا مصممين على قتلهم"، وتابع "سحلوهم حتى مدخل القرية.. لقد كانت لحظات بشعة". وسحل الاهالي الجثث الى خارج القرية حتى سيارات الامن المركزي التي نقلت الجثث الاربع الى المشافي، بحسب شهود عيان. وهناك نحو عشرين اسرة شيعية في قرية ابو مسلم. ويتهم الاهالي القيادي الشيعي شحاتة بنشر المذهب الشيعي بين اهلها. وقال احد اهالي القرية طالبا عدم ذكر اسمه ان "الغضب كبير ضد شحاتة لانه تسبب في اعتناق عدد من شباب القرية للمذهب الشيعي مؤخرا". ولم يظهر الاهالي اي ندم او خجل من الواقعة، لا بل ان شباب القرية راحوا يتبادلون في ما بينهم مقاطع فيديو لسحل الشيعة الاربعة بفخر وحماس واضح. وقال المدرس محمد اسماعيل وهو يجلس امام منزله "نحن سعداء بما حدث. وكنا نتمنى ان يحدث منذ زمن". وخلال مؤتمر حاشد للاسلاميين عقد قبل اسبوع تحت مسمى "نصرة سوريا" بحضور الرئيس محمد مرسي، تحدث احد قيادات الحركة السلفية الشيخ محمد عبد المقصود، واصفا ب"الانجاس من يسبون صحابة النبي" محمد، في اشارة واضحة الى الشيعة. من جانبه قال بهاء أنور، المتحدث باسم شيعة مصر "احمل الرئيس مرسي المسؤولية كاملة لما حدث لان هناك تحريضا طائفيا مستمرا ضد الشيعة في زاوية ابو مسلم منذ اسبوعين ولم يتدخل احد رغم ابلاغنا السلطات". وقال أنور "الدولة تتخاذل مع دعوات التحريض ضدنا بل وتتبناها. ما حدث نتيجة لتحريض منظم ضد الشيعة في مصر وتشترك فيه الدولة"، واضاف ان "الشرطة لم تحم الشيعة المحاصرين رغم تواجدها في القرية". في السياق ذاته قال اللواء عبد العظيم نصر الدين، نائب مدير أمن الجيزة، "حاولنا التدخل لكن التجمهر الكبير للاهالي والشوارع الضيقة منعتنا من التقدم لتفريق الحشود". وتابع وهو جالس بين قواته خارج القرية "الاهالي هاجمونا بالشوم والسنج (السكاكين) ما اضطرنا للانسحاب". واكد اللواء نصر الدين ان "الشرطة نجحت في اخراج 25 شيعيا من المنزل المحاصر وهو ما قلل من عدد الضحايا". من جهته قال الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور الليبرالي المعارض في تغريدة على صفحته على موقع تويتر ان "قتل وسحل مصريين بسبب عقيدتهم نتيجة بشعة لخطاب ديني مقزز ترك ليستفحل". وتنتمي الاغلبية الساحقة من المسلمين في مصر للمذهب السني، علما بان العاصمة القاهرة اسستها الدولة الفاطمية الشيعية التي حكمت مصر لسنين قبل نحو الف عام. واعتبر الشيعة في بيان أصدره القيادي الشيعي المصري طاهر الهاشمي ممثل المجمع العالمي لآل البيت بمصر أن 'استمرار التهديدات ومحاصرة الشيعة المصريين من قبل السلفيين يؤكد غياب دولة القانون وأن مصر تحكم وتدار من قبل مليشيات وليس من قبل مؤسسات وبدون قانون'، على حد قوله. وأبدي الهاشمي تخوفه من وجود أنباء عن تقاعس الشرطة عن القيام بدورها المنوط بها وهو حماية مواطني الدولة. واعتبر البيان أن تقاعس الشرطة 'يهدد الاستقرار الاجتماعي لمصر ويشيع حالة من الفزع عند باقي أطياف الشعب المصري'. وأدان البيان مقتل شحاتة قائلا إن ' الشيخ حسن شحاته، وهو عالم دين أزهري وعشرات من الشيعة المصريين يتعرضون للموت علي يد متشددين سلفيين على أسس وخلفيات مذهبية'. وأضاف 'إنهم (المتشددون السلفيون) يرون أن الشيعة هم أعدائهم ويريدون إشعال حرب مذهبية في مصر بالوكالة، مع أن مصر ليس فيها ما يبرر وجود حالة مذهبية'. ويعترف الأزهر بالمذهب الشيعي منذ ستينات القرن الماضي. ويعد التيار السلفي من أشد المعارضين لوجود تمدد شيعي في مصر. من هو حسن شحاتة؟ ولد الشيخ حسن شحاتة -الذى قتل اليوم على يد منتمين للتيار السلفي في الجيزة- عام 1946 لأسرة حنفية المذهب، تخرج في معهد القراءات وحصل على ماجستير في علوم القرآن، ألقى أول خطبة جمعة وهو في الثالثة عشرة من عمره في مسجد قريته التابعة لمركز أبو كبير شرقية، كما أنه واصل الخطابة في القوات المسلحة، حيث كان مسئولاً عن التوجيه المعنوي بسلاح المهندسين عام 1973 م، ومتحدث في الإذاعة والتليفزيون، ونشأ في أسرة تعشق حب آل البيت كما كان يحكى عنه. كان والده يحدثه كثيراً عن شخصية أمير المؤمنين على بن أبى طالب (ع)، ويقول له: "يا ولدى أن أمير المؤمنين كان حامى حمى الإسلام، وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) إذا مشى وحده يتعرض للأذى وإذا مشى معه أمير المؤمنين لم يكن يجرأ أحد على التعرض له بسوء". مبيناً أنه واجه في خطبة على المنبر أعداء أهل البيت، ومنهم الوهابية الذين شوهوا صورة الإسلام وبنوا فكرهم على باطل حتى أنهم لا يعترفون بأحد من الأئمة سوى ابن تيمية وهم يقدسونه أكثر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفق تصريحات الراحل في الفترة من عام 1994م إلى 1996م تحول إلى المذهب الشيعي حيث صار حسن شحاتة بعد أن كان مدافعاً عن أهل السنة، حيث تحول إلى المذهب الشيعي واتهمه خصومه بسبه للصحابة وأمهات المؤمنين، وتم اعتقاله في عهد مبارك لمدة ثلاثة سنوات ومنعه من السفر. |