مطاحنات «معارضة المعارضة» و«جنون العظمة»
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
أفضل تشبيه لما تعيشه «جمعيات الفاتح» أو «معارضة المعارضة» من أوضاع مأساوية وخلافات شديدة، وصراعات ومعارك «حمى وطيسها» من قبل وزادت مؤخراً، هو ذلك الذي ذكره بيان جمعية الصف الإسلامي في السادس عشر من شهر يونيو/ حزيران 2013، عندما انتقدت الجمعية العضو في ذلك التجمع «المطاحنات التي تجرى بين بعض الجمعيات السياسية في الائتلاف، ونشرت على صفحات الصحف المحلية والصحف الالكترونية»، واصفة إياها بـ «جنون العظمة».
قد لا تكون جمعية الصف ومن كتب البيان قاصداً ما قاله من كلمات، إلا أن الحقيقة الجلية منها تكشف عن حقيقة ذلك التجمع، وأهدافه، ومطامعه الحقيقية التي بلغت حد الجنون في اللعب بمستقبل الأجيال من أبناء هذا الوطن.
«المطاحنات» بين جمعيات الشارع السني السياسية، ليست سراً، ولا خافية على أحد، وهي دائماً ما تنشر غسيلها على صفحات الصحف المحلية ومن دون خجل. تخف في وقت ما، وتبلغ ذروتها كلما قرب موعد الاستحقاقات الانتخابية، والمعارك على الكراسي، أو عندما تكون هناك غنائم تلوح في الأفق السياسي.
خلافات «الأصالة» (السلف) و«المنبر الإسلامي» (الاخوان المسلمين) دائماً ما تبرز على الساحة مع قرب الانتخابات النيابية... كل أربعة أعوام.
أما الخلافات الحالية، فقد برزت بعد مؤتمر القوميين العرب وتوقيع جملة من قيادات الفاتح (عبدالله الحويحي، جاسم ابراهيم المهزع، حمد العثمان، أحمد سند البنعلي، وياسر الكواري) على البيان الختامي لمؤتمر القوميين العرب بالقاهرة، والذي طالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في البحرين. وهو الأمر الذي شجبته جمعية الأصالة السلفية، واعتبرته «انحرافاً» عن مسيرة شارع الفاتح التي انطلقت في 21 فبراير/ شباط 2011.
ذلك الشجب، والهجوم من قبل «الأصالة» لم يقبله التيار القومي العربي السني في البحرين، فسارعت قياداته لإصدار بيانٍ موازٍ رداً على بيان «الأصالة»، معتبرةً ما ورد فيه «مراهقة سياسية»، ومحاولة يائسة لاستعطاف الناخبين، واسترجاع القاعدة الشعبية التي خذلتموها بعد الفشل الذريع والممارسة النيابية الهزلية لكتلة «الأصالة» النيابية منذ العام 2002.
واحتوى بيان قيادات تجمع الفاتح الأربعة كلمات وأوصافاً كثيرة، تكشف عن حقيقة التمزق الكبير الذي يضرب «جمعيات الفاتح» ويفصح عن حجم الخلاف بينهم، وتبادل الاتهامات.
قيادات كالحويحي والبنعلي رفقاء «الأصالة» على طاولة الحوار، يعتبرون هجوم القيادات السلفية عليهم «دعاية انتخابية رخيصة»، و«ألاعيب وضيعة»، و«محاولة يائسة»، بل اتهموا «الأصالة» بـ«شق صف تيار الفاتح» ضمن ما أسموه «المراهقة السياسية»، بعد إعلانها الانسحاب من «جمعيات الفاتح».
هذه هي حقيقة «ائتلافهم» الذي كان وليد «الفزعة»، يخفي تحت رماده «حرباً» لا هوادة فيها نراها من بقايا زمن الجاهلية، وهي حقيقةٌ ذكرها بيان الحويحي والبنعلي ورفيقاهما نصاً وحرفاً، حتى اعتبرت قيادات «الأصالة» تلك الكلمات «شتماً».
فضائح قيادات «معارضة المعارضة» وخلافاتهم وملاسناتهم وصراعاتهم اليومية ظاهرةٌ للعيان، تنشر يومياً وبشكل رسمي وعبر بيانات موثّقة عبر الصحف الرسمية، ولا يمكن لأيٍّ كان أن يشكّك فيها، أو حتى يكذّبها.
ولذلك ستجد، هناك من يحاول أن يروّج في المقابل وينشر أخباراً منقولةً عن مواقع مجهولة لأكاذيب عن صراعات وخلافات بين صفوف المعارضة في داخل البحرين أو خارجها، من دون القدرة حتى على إثباتها، لإيهام الشارع السياسي السني، بأن خلافات قياداته عادية وطبيعية، وتحصل حتى في الشق المخالف لهم أيضاً.
هذا الحديث والاستنتاج، ليس من وحي الخيال، ولكنه قراءة حقيقية لواقع التجاذبات السياسية في الشارع السني، والاستدلال عليها ثابت من خلال تقرير تجمع الوحدة السياسي، الذي أكّد بان «النظام عمل جاهداً على أن لا يكون هناك تماسك في موقف المكون الذي يستخدمه رادعاً للمكون الآخر المتماسك في الموقف السياسي والاجتماعي والمطالب».
تعلم قيادات الفاتح، أنهم غير متماسكين، وأن النظام لن يدع لهم فرصة ليتماسكوا أبداً، كما تعلم تلك القيادات أن قوى المعارضة متماسكة سياسياً واجتماعياً وحتى في مطالبها.
تعلم قيادات الفاتح وقواعده أن المعارك السياسية بينهم ما هي إلا «مناطحات ومطاحنات» ضمن أجندات، وصراعات تعكس وتؤكد حقيقة «جنون العظمة» التي يعيشونها بعيداً عن واقع قواعدهم التي تحلم بمستقبل أفضل.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3955 - السبت 06 يوليو 2013م الموافق 27 شعبان 1434هـ