الديمقراطية أضغاث أحلام

 الأربعاء, 31-يوليو-2013
- الديمقراطية من المفاهيم التي تستخدم وفق الأهواء وبما يخدم ترتيبات سياسية وقيمية معينة، يراد لها أن تسود وتهيمن من بوابة الديمقراطية، فالمتابع المهتم يدرك أ.د/ عبدالله الذيفاني -
الديمقراطية من المفاهيم التي تستخدم وفق الأهواء وبما يخدم ترتيبات سياسية وقيمية معينة، يراد لها أن تسود وتهيمن من بوابة الديمقراطية، فالمتابع المهتم يدرك أن الفتوى الصادرة عن المعني بتعريف الحشود المحبة للديمقراطية دون أن تكلف نفسها عناء الدراسة والفهم، والمقارنة، والبحث عن دقائق الأمور التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية إنه مضطرب في فتاواه ففي كل حدث أو مشهد يصدر فتوى تتناقض مع غيرها، ومن تلك الفتاوى القاتلة، أن الديمقراطية صندوق انتخابات، وأن الصندوق هو الحكم ولا حكم غيره، وما يخرج عن الصندوق يجب ويجب ويجب أن يحترم، ولا تذهب الفتاوى أبعد من ذلك، في تحديد ما على مُخرَج الصندوق عمله سواء كان المخُرَج رئيس دولة، أو مجالس نيابية، أو مجالس محلية، في تدبير شؤون البلد، وصناعة قراراته وصياغة حاضره ومستقبله، فهل يعطي الصندوق حصانة وحق للمخرج عنه، يتصرف كيف يشاء، أم أن الديمقراطية تلزمه بعمل مؤسسي منظومي ممنهج لا يسمح بالتفرد في القرار أو التصرف بالأمور كيف يشاء ؟ هذه مسألة، ثم هل الصندوق يعطي لمخرجه، الحق في نسيان الجموع التي منحته أصواتها فيتصرف باسمها دون العودة إليها، وما هي الحدود التي يجب على هذا المخرج التوقف عندها، وما هي القيمة الحقيقية للناخبين؟
ومع شيوع هذه الفتاوى، تظهر عند الحاجة فتاوى أخرى كما حدث في مصر أن الكلمة للشارع، وبما أنتج ديمقراطية الشارع التي لا تقيم وزناً لأصوات الناخبين وقرار الصندوق، ومن تلك الفتاوى دور القوات المسلحة بالعملية الديمقراطية ومنظومة الحكم، فالمعلوم بحسب الفتاوى المعتمدة، والتي نسمعها ونسمعها ونسمعها كثيراً وهي أن الديمقراطية لا يمكن أن تعيش على نحو فاعل ومحقق المضامين التي تقوم عليها الديمقراطية وحلم بها المؤسسون وتشيع لها المتشيعون وحاربها الخصوم كونها تدعو بل وتحزم وتحسم أن الدولة المدنية هي الأصل، والدولة المدنية معناها بحسب تلك الفتاوى أن يكون الجيش في منأى عن القرار وتحصر وظيفته في حماية الحدود والسيادة ولا يسمح له النزول إلى الشوارع والاختلاط بالمدنيين وضبط شئونهم إلا في حالة الكوارث والانكسارات الحادة في البلاد والتي تزول فيها السكنية والأمن والاستقرار وتصبح الدولة الأرض والإنسان والسلطة في حالة انهيار كامل ينذر بزوال السيادة ووقوع البلاد في المحذور الذي يخشاه كل الناس وتخافه كل القوى..
وفي هذا السياق لا يجوز للجيش أن ينزل منحازاً ومناصراً لطرف دون آخر، إذ عليه أن يكون متزناً ومتوازناً وينطلق من حماية المصالح العليا للوطن، وحماية كل أبنائه.
ومن تلك الفتاوى، الحكم في حق المظاهرات والاعتصامات السلمية، فالديمقراطية بحسب ما فهمنا وعايشنا، وما تضمنته العهود والمواثيق الدولية أنها حق من حقوق الإنسان، وأنه لا يجوز الاعتداء عليها بأي حال من الأحوال مادامت ملتزمة بالسلمية، إلا أن المشاهد والمقروء في الواقع أن كثيراً من البلدان التي تتلمذ على الديمقراطية تقتل، تعتقل، تغتال، تعتدي بكل صنوف الاعتداء وتبرر ذلك ديمقراطياً، ويأتي المفتي العام، كبير القضاة الديمقراطيين ويتدخل إن على السلطات أن تحترم، ويصل التدخل أحياناً حين تكون عين الرضا حاضرة، بإصدار فتاوى جديدة تشطب كل كتب ودفاتر ووثائق الديمقراطية والدولة المدنية.
يا خلق الله، يا عباد الله، يا جند الله، يا قضاة تحكمون بحكم الله، وتدرسون القوانين الوضعية، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، أين هو الإنسان الذي ترعونه، وعليكم أن تضعوا لنا قائمة بقواعد ينبغي الالتزام بها، تقول لنا، الديمقراطية ليس لها لون ولا تستقر على حالها، وأنها بكل شئونها وشجونها تبعاً لمن غلب، وعلى الضعفاء، والمستضعفين أن يحتسبوا دائماً إلى الله، ويقبلوا بهذه التقلبات، وعليهم أن يؤمنوا يقيناً حتى لو كانوا أغلبية، أن لا يبقى على حاله إلا الله، وأن الديمقراطية ليست منظومة متكاملة تسمح بترسيخ دولة المؤسسات والقانون، والشراكة الوطنية، وحقوق الإنسان وحرياته والمواطنة المتساوية، وتحييد الجيش والإعلام والمال العام، وأن كل ما سمعوه ووعوه لا يعد عن كونه أضغاث أحلام، ولسنا بتأويل الأحلام بعالمين