البحرين.. ثورة متألقة وسلطة قمعية
شبكة النبأ: تشهد البحرين حركة احتجاجية مستمرة منذ اكثر من سنتين ونصف تخللها انتهاكات حقوقية صارخة وحملات تعسفية إجرامية بحق الشعب من لدن سلطات الأسرة الحاكمة التي تقمع أنباء الشعب المطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة السياسية والاجتماعية والتغيير الجذري للنظام الحاكم، إذ تشن القوات الامنية قمعا بلا هوادة ضد ابناء البحرين بشتى وسائل القمع الاجرامية كالقتل والتعذيب والملاحقة واعتقال المحتجين وعقد المحاكم العسكرية بحق المتظاهرين، والاستهداف بشكل مباشر ومتعمد بالسلاح وبكل وسائل العنف الاخرى، ومع ذلك لاتزال الاحتجاجات مستمرة بديناميكية تفصح عن ديمومة الصراع بين الشعب الصامد والحكومة القمعية، فقد تجددت الصدامات العنيفة بين متظاهرين والشرطة في انحاء متفرقة من البحرين موخرا، كما تشكو المعارضة من تمييز ضد الأغلبية الشيعية في مجالات مثل العمل والخدمات العامة وتطالب بنظام ملكي دستوري وحكومة يختارها برلمان منتخب ديموقراطياً.
ويرى بعض المراقبين ان ما يميز الانتفاضة البحرين المتألقة عن نظيرتها من الانتفاضات العربية الأخرى، كونها انتفاضة تحارب تآمراً بلا حدود من أطراف اقليمية ودولية ورغم ذلك لكن لم تأفل ابدا بل تتألق وتستمر يوما بعد يوم، بينما الانتفاضات الاخرى التي تلقّت دعما لا محدود من نفس الاطراف الاقليمية والدولية تحولت انتفاضاتها الى فوضى وعنف خطير، في حين عبرت المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها من قمع الذي يستهدف المحتجين في هذا البلد، حيث ان استمرار العنف السياسي وتفشي الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في البحرين بسبب القمع السلطوي ستجعل هذه البلاد دولة قمع بامتياز.
صدامات متجددة
في سياق متصل افاد شهود ان مواجهات وقعت بين متظاهرين والشرطة في قرى شيعية في البحرين حيث منعت قوات الامن هذا الاسبوع المعارضة الشيعية من التظاهر للاحتجاج على السلطات الحاكمة، وردد المتظاهرون "يسقط حمد" بن عيسى ال خليفة العاهل البحريني، وتحكم اسرة ال خليفة السنية البحرين حيث غالبية السكان من الشيعة، والقى المتظاهرون الحجارة والزجاجات الحارقة على عناصر الشرطة الذين ردوا بالقاء القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية حسب ما افاد شهود، لكن من دون وقوع اصابات، وكان المحتجون نزلوا الى الشارع في قرى شيعية قرب المنامة تلبية لدعوة اطلقها الشيعة في حركة 14 شباط/فبراير التي تنظم تجمعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي. بحسب فرانس برس.
وكانت الشرطة منعت متظاهرين من تلبية دعوة حركة "تمرد" الشيعية المعارضة للتجمع قرب السفارة الاميركية في المنامة احتجاجا على السلطات الحاكمة، واكدت السلطات في البحرين التي تشهد منذ 2011 حركة احتجاج شيعية، عزمها على منع تظاهرة كانت مقررة على طريقة التظاهرة التي ادت الى سقوط الرئيس الاسلامي محمد مرسي في مصر، وكان الملك البحريني حمد بن عيسى ال خليفة امر باتخاذ تدابير جديدة للحد من التظاهرات التي ما زالت تنظم بشكل مستمر في القرى الشيعية منذ انطلاق الاحتجاجات التي يقودها الشيعة في 14 شباط/فبراير 2011.
عنف مستطير
من جهتهم قال شهود إن الشرطة البحرينية أطلقت الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش على المتظاهرين بعدما تحولت الاحتجاجات التي دعا إليها ناشطون للمطالبة بالتغيير الديمقراطي إلى العنف.
وصعد الناشطون حملتهم المستمرة منذ عامين ونصف للضغط على الأسرة الحاكمة للسماح بمزيد من الديموقراطية في الدولة البالغ عدد سكانها 1.25 مليون نسمة غالبيتهم من الشيعة، ودعت شخصيات من المعارضة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى تظاهرات حاشدة في البحرين ما دفع السلطات إلى تشديد إجراءات الأمن والتحذير من إجراءات صارمة ودفع الولايات المتحدة لإغلاق سفارتها في المملكة مؤقتا، ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات خطيرة في الاشتباكات التي اندلعت بعد غروب الشمس في عدد من القرى الشيعية حول العاصمة المنامة.
وتحولت التظاهرات في قرية الشاخورة غربي المنامة إلى اشتباك بين الشرطة ونحو 300 متظاهر يرددون شعارات مناهضة للحكومة عند حاجز من السلك الشائك، وقال شاهد إن الشرطة تصدت للحشد بإطلاق الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش. وقال إن بعض الناس تأثروا بالغاز لكن لم ترد تقارير عن إصابات خطيرة، وقال شهود إن اشتباكات مماثلة اندلعت في قرى شيعية أخرى من بينها قرية قرانة حيث رد المتظاهرون برشق الشرطة بالقنابل. بحسب رويترز.
وفي وقت سابق خرج نحو مئة شخص في مظاهرة سلمية في قرية سار غربي العاصمة المنامة ملوحين بأعلام البحرين ومرددين هتافات مناهضة للحكومة، وقالت جمعية الوفاق الوطني- وهي أكبر جماعة معارضة في البحرين- على موقعها الالكتروني إن نحو 60 تظاهرة نظمت في 40 موقع، وتجمعت قوات الأمن في حي السيف في المنامة بعدما استخدم ناشطون خدمة "تويتر" لحث المتظاهرين على التجمع هناك في تحدي للحظر الشامل على الاحتجاجات في العاصمة ولكن لم ترد أنباء عن وقوع أي حوادث، وكانت حركة "تمرد" هي القوة المحركة للاحتجاجات المنسقة الجديدة من أجل الديموقراطية. والحركة عبارة عن تحالف فضفاض لناشطي المعارضة تشكل في أوائل تموز (يوليو)، واستمدت اسمها من حركة "تمرد" المصرية التي ساعدت في حشد تظاهرات واسعة ضد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أول رئيس منتخب في شكل حر في البلاد دفعت الجيش للتدخل وعزله في الثالث من تموز، وفي بعض القرى، أغلقت جميع المتاجر وفي المنامة فتحت الشركات أبوابها لكن وجود الشرطة كان أكبر من المعتاد. وكانت قوات الأمن تراقب المرور على الطرق المؤدية للعاصمة وتوقف أحيانا سيارات للتحقق من هوية ركابها.
معاناة السجناء
الى ذلك اكدت جمعية بحرينية لحقوق الانسان ان 40 سجينا على الاقل اصيبوا بجروح في تدخل قوى الامن، وافاد رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الانسان محمد المسقطي عبر موقع تويتر "استخدم المسؤولون في سجن الحوض الجاف القنابل الصوتية والمسيلة للدموع بالإضافة الى ضرب السجناء باستخدام الهراوات"، كما اكد ان السجناء اجبروا لاحقا على الوقوف اربع ساعات في الشمس عقابا لهم، وقمعت الشرطة متظاهرين من الاستجابة لنداء مجموعة من المعارضة الشيعية للتظاهر قرب السفارة الاميركية في المنامة. بحسب رويترز.
من جانبه قال سيد المحافظة من مركز البحرين لحقوق الانسان انه تلقى اتصالا من داخل السجن يبلغه بان حوالي 100 سجين كثير منهم محتجزون بتهم الارهاب كانوا يحتجون على حرمانهم من الزيارات العائلية وغيرها من المظالم.
في الوقت نفسه اعربت منظمة العفو الدولية عن خشيتها من استخدام القيود الجديدة على التظاهر "لتشريع اللجوء الى القوة بهدف قمع الاحتجاجات السلمية"، وقال مدير قسم الشرق الاوسط في منظمة العفو فيليب لوثر "خلال اعوام، سعت السلطات البحرينية الى خنق حرية التعبير عبر اتخاذ اجراءات تزداد تشددا للقضاء على اي معارضة مع ازدراء تام بالقوانين الدولية".
وكان مكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان دعا البحرين الى احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان/ وقالت المتحدثة سيسيل بويي في السادس من اب/اغسطس "ندعو حكومة البحرين الى احترام التزاماتها في مجال حقوق الانسان خصوصا الحق في التعبير والتجمع السلمي"/، ولم يصل الحوار الوطني القائم في البحرين حاليا الى اي حل يخرج المملكة من الازمة السياسية، واعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن قلقها مما وصفته بأنه "تصعيد للسلوك التعسفي ضد الصحافيين" قبل التظاهرة، واكدت المنظمة ان اثنين من المدونين ومصورا اعتقلوا منذ نهاية تموز/يوليو، معربة عن خشيتها من اقدام السلطات على التعتيم على هذه التظاهرة.
احتجاجات للمطالبة بالديمقراطية
كما دعت حركة المعارضة الرئيسية في البحرين الى تنظيم احتجاجات للمطالبة بالديمقراطية رغم تصدي الشرطة لمظاهرات مناهضة للحكومة بالغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش، وقال بيان أصدرته جمعية الوفاق الإسلامية كبرى جماعات المعارضة في البحرين إن الاحتجاجات ستستمر إلى أن تتحقق مطالب الشعب البحريني، وقال البيان الذي صدر إن المظاهرات تعبير عن الإصرار على حق الشعب البحريني الواضح والمشروع في التحرك صوب التحول الديمقراطي. بحسب رويترز.
وأفاد البيان بأن كل جماعات المعارضة الرئيسية الخمس التي تضم الإسلاميين والليبراليين والقوميين ستشارك في الاحتجاجات غدا، وكانت آخر مرة تظاهر فيها البحرينيون بأعداد كبيرة في 14 أغسطس آب استجابة لدعوة من خلال الانترنت وجهتها حركة جديدة تطلق على نفسها اسم تمرد وهو اسم الحركة المصرية التي ساعدت على تنظيم مظاهرات حاشدة ضد الرئيس المصري محمد مرسي قبل أن يعزله الجيش في الثالث من يوليو تموز، وأقرت حكومة البحرين الشهر الماضي قانونا يحظر جميع الاحتجاجات في العاصمة المنامة، وتشكو المعارضة من تعرض أبناء الاغلبية الشيعية للتمييز في التوظيف والحصول على الخدمات العامة وتتطلع إلى نظام ملكي دستوري وحكومة يتم اختيارها من برلمان منتخب بطريقة ديمقراطية.
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/أيلول/2013 - 25/شوال/1434