ما هي عقدتكم مع المساجد؟
قاسم حسين
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
خبران نشرتهما «الوسط» أمس (الخميس) على صدر صفحتها الأولى، لا أدري أيهما أسوأ وأشنع من الآخر، وكلاهما متعلقٌ بانتهاك حرمات المساجد في هذا البلد الإسلامي العريق.
الأول تصريح لوكيل وزارة العدل والشئون الاسلامية والأوقاف الشيخ فريد المفتاح، نفى فيه وجود «مسجد يُهدم، فالمساجد لها حرمتها وقدسيتها، ولم نعتد على ذلك». أما الآخر فيتحدّث عن اعتداء «جديد» على مسجد الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي (رض)، حيث تعرّض للتخريب وسكب الأصباغ وتكسير الأبواب والعبث بما تبقى فيه من محتويات.
الخبران تم تداولهما بشكل واسع بين مجموعات «الواتس أب»، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما حظيا بنسبةٍ عاليةٍ من التعليقات، أغلبها كانت غاضبة، فأنت حين تستفز الناس في معتقداتها ومقدساتها، فإنّما تستجلب المزيد من المعارضة والحنق والكراهية والانتقادات.
المساجد التي ينفي المفتاح هدمها، وثقها تقرير بسيوني بالوثائق الرسمية والخرائط الجوية، ولأنها كانت حادثةً صادمةً للضمير، طرحها رئيس أكبر دولة في العالم (باراك أوباما) على منبر الأمم المتحدة، حين تحدّث عن الأزمة السياسية في البحرين. فالتستر على مثل هذا الخطأ الفظيع بنفيه ليس من شيم العرب على الإطلاق.
وفي عصرٍ يتم فيه التوثيق باستخدام كاميرا هاتفك النقال، لم يعد من الممكن تلفيق القضايا على طريقة من تخلّص من سيّد الأنصار الصحابي الجليل سعد بن عبادة (رض) ونسب ذلك للجن. حتى لو فعلت ذلك فلن يصدقك الناس، لأن الزمان تغيّر، ودخلت الشعوب مرحلة الربيع العربي.
إن هدم المساجد (وعددها 38) صفحةٌ يُفترض أنها طُويت بعد ثلاثة أشهر من وقوعها، لا أن تظلّ ملفاً مفتوحاً للتجاذبات والمناكفات، فهذه بيوت الله التي يُفترض أن لها حرمةً وقدسيةً في النفوس.
الخبر المشين الآخر، يتعلق بانتهاك حرمة مسجد الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي، في قرية عسكر، الواقعة في الطرف الجنوبي الشرقي من جزيرة البحرين الأم. «وأنّ المساجدَ لله» كما في القرآن الكريم، وليست ملكاً للطوائف والقبائل والأعراق. هي بيوتٌ يُذكر فيها اسم الله في أرضه. ومن المخجل أن نكتب هذا للتذكير بما بلغناه من تجاوزات بحق أنفسنا ووطننا، وما أخذنا نرتكبه من حماقات وانتهاكات لم تسلم منها حتى بيوت الله.
في الهند قام المتطرّفون الهندوس قبل عشرين عاماً بهدم مسجد «بابري» التاريخي، فثار المسلمون شرقاً وغرباً، لدينهم ومقدّساتهم، أما اليوم فنهدم مساجد بعضنا بعضاً، ونلفق من التبريرات، ما يعجز عن ستر خطايانا. ونفجّر المساجد التاريخية، التي حافظ عليها المسلمون جيلاً بعد جيل، حتى وصلت إلى أيدينا نحن الأشقياء التعساء، لنقوم بتدميرها، باسم الشرك، وكأننا الموحّدون وحدنا، وكلّ من سبقنا كافرٌ ضالٌّ مصيره إلى النار.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4227 - الجمعة 04 أبريل 2014م الموافق 04 جمادى الآخرة 1435هـ