«خطبة جمعة»
- [ltr][/ltr]
- [ltr]مريم الشروقي ... .[/ltr]
- [ltr]maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com[/ltr]
تصغير الخطتكبير الخط
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنّ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له جلّ عن الشبيه والمثيل والكفؤ والنظير.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله ربّه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، فهدى الله تعالى به من الضلالة وبصر به من الجهالة، وكثر به بعد القلة، ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف. وصلوات الله وسلامه عليه وعلى أهله الطيبين وأصحابه الغر الميامين.
أما بعد أيّها الأخوة المؤمنون، قال تعالى: «وأن تعفو أقرب للتقوى، ولا تنسوا الفضل بينكم» (سورة البقرة، 237)، وان تحدّثنا اليوم عن العفو فإنّنا نتحدّث عن نبذ العنف ونبذ الكراهية، ونعلم بأنّ الله ينبذها من فوق سابع سماء.
في هذه الخطبة وفي هذا اليوم العظيم، نؤكّد ونشدّد عن العفو والتسامح وعدم الظلم، فعن أبي ذرٍّ الغفاري (رضيَ اللهُ عنه) عن النَّبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) فيما يَرويه عن ربِّه (تبارك وتَعالى) أنه قال: «يا عبادي إِنِّي حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظالَمُوا، يا عبادي كُلُّكُمْ ضالٌّ إِلا منْ هَدَيْتُهُ، فاسْتَهدُوني أَهْدِكُمْ، يا عبادي كُلُّكُمْ جائعٌ، إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فاستطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عبادي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بالليلِ والنهارِ، وأَنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعًا، فَاستغفروني أَغْفِرْ لكم، يا عبادي إِنَّكُمْ لن تبلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ولن تَبْلُغُوا نفعي، فتنفعونِي، يا عبادي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإِنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانوا على أَفْجَرِ قَلبِ رَجُلٍ واحد، ما نقَص ذلك منْ مُلْكِي شيئًا، يا عبادي لو أَنَّ أولكم وآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَاموا في صعيدٍ واحدٍ فسأَلُونِي فأَعطَيْتُ كلَّ إِنسانٍ مسألَتَه، ما نقَص ذلك ممَّا عندي إِلا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذا أُدْخِلَ البحرَ، يا عبادي إِنَّمَا هي أَعمالُكم أُحصيها لكم، ثُمَّ أُوَفِّيكم إِيَّاها، فمن وجد خيرًا، فلْيَحْمَدِ اللهَ ومنْ وجد غير ذلك، فلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَه».
ومعنى الحديث أن الله لا يظلم أحداً، ويحذّر من ظلم الانسان لأخيه الانسان، وهذا مدعاة اليوم ونحن على منبر رسول الله لنقف صفّاً ضد خطاب الكراهية والتحريض والتأجيج، فهذه ضلالة، وليست من أخلاق نبينا المصطفى محمّد بن عبدالله (ص)، ومن يريد عكس ذلك ما هو إلاّ خارجٌ عن أمّة محمّد، فالدين يا إخوتي هو المعاملة الحسنة وأخلاقنا التي أخذناها من رسول الله وصحبه الطيبين الطاهرين والتابعين وأتباع التابعين الصالحين.
يا من تكرّر خطاب الكراهية تذكّر بأنّ الله محاسبك، ويا من تقذف الناس بكلمات بذيئة وتطعن في شرفهم وعقيدتهم، فاعلم أنّ الله مراقب ومشاهد ولا ينسى أنملة واحدة، فاسعَ في خيرٍ يكن بجانبك عند الحساب، ولا تسعى في شرّ يكن مآله الخزي والعار.
إنّ صفة الله العدل وهذا تأكيد وتشديد منه على ضرورة مراقبة الألسن والأفئدة والضمائر، حتى لا تتفوّه بشرّ يُحسب عند الله من الكبائر، كرمي المحصنات الغافلات، أو خدش أعراضهنّ بجميع الألقاب والكلمات، لأنّ هذه ليست من أخلاق أمّة محمد (ص)، ونعلم بأنّنا بشر نخطيء ونصيب، ونعلم بأنّ الله يعلم ما في القلوب.
يقول المولى عزّ وجل في كتابه: «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء، ثمّ لا تُنصرون « (هود، 113)، اللهم فوفّق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وسائر ولاة أمور المسلمين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمدلله رب العالمين. وجمعة مباركة.
مريم الشروقي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4234 - الجمعة 11 أبريل 2014م الموافق 11 جمادى الآخرة 1435هـ