جماعة الدرهم والدينار!
مريم الشروقي
هذه الجماعة تأسست منذ قرون، تأسّست منذ أن عرف الانسان الغل والحقد والكراهية والمصلحة الذاتية على المصلحة العامّة، تأسست عندما قتل قابيل أخاه هابيل، وتأسّست في الدول الحديثة عندما زاد الجشع والطمع وملأ قلوب النّاس.
الحديث الصحيح من كتاب إتحاف المسلم، لما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، قول النبي (ص) فيما رواه أبو هريرة (رض) عن النبي (ص) أنه قال: تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، وفي رواية عبد القطيفة، إن أُعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتفش.
وحديث المصطفى (ص) دليل قاطع على أنّ هناك عبيداً للدرهم والدينار، وأن هناك عبيداً يعبدونها حتّى النخاع، ولا يتخلّون عنها مهما كلّفهم الأمر، فقد يستخدمون وسائل قذرة وبشعة كبشاعتهم، مثل التأجيج والطأفنة وإثارة الفتن بين الشعوب، فقط من أجل استمرار تدفقها.
لا يكفيهم ذلك، فهم يواصلون العبادة عن طريق التمصلح، فهم مثل العوالق، لا يقفون عند حد معيّن بل يتعدّون ذلك إلى تخريب وتدمير الأوطان، هؤلاء يدسّون السم في العسل، ويخدّرون البسطاء ويقتاتون على الفتات، ويضربون في الجميع ما عدا مصالحهم الشخصية.
لا بارك الله لهم ولا في رزقهم، حرقوا ودمّروا وخرّبوا فقط من أجل الدرهم والدينار، وتسلّطوا على خلق الله مع أنّهم أضعف من الضعفاء، ويستقوون كلّما زادت دراهمهم ودنانيرهم.
قمّة المأساة عندما يتّهمون النّاس وهم في قفص الاتّهام، ويتقوّلون على الناس وهم كاذبون أفّاقون، ولا يهمّهم أحد في سبيل مصالحهم فقط، ولكن تلك الطبقة الشمعية على وجوههم لا تجعل من يحبّهم يرى خبثهم، مع أنّهم كأخوة يوسف عندما رموه في الجب، وذهبوا إلى والدهم يبكون!
فعلاً هم (يكسرون الخاطر)، لأنّهم بلا ضمير وبلا رحمة وبلا مشاعر، تعلّموا من الشيطان وازدادوا تفوقاً عليه، وعمت أعينهم الدراهم والدنانير، وأبعدتهم عن مشاعر وقيم أعلى، مشاعر التعايش وحب الآخر والوطنية، الوطنية التي لا يشعر بها الا المخلصون.
ووالله نحن ندعو لعبدة الدرهم والدينار بالصلاح والتوبة والرجوع إلى الله، لأنّهم في يومٍ من الأيام سيُساءلون عمّا قاموا به من عمل قبيح قبّح وجوههم وقلوبهم وزادهم سواداً.
اللهم يا واحد يا أحد احفظ البشرية من عبدة الدرهم والدينار، اللهم يا قوي يا قادر أشفهم وعافهم ممّا ابتليتهم به، وإن لم يتشافوا يا إلهي فردهم، لأنّهم أساس الخراب، خراب الأوطان والمجتمعات، واللهم اكشفهم عند عبادك الأخيار الصالحين، اللهم آمين. وجمعة مباركة.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5067 - الجمعة 22 يوليو 2016م