مَن البحريني؟
الأجواء التي كانت تشهدها البحرين في الأسابيع الماضية مع الانتخابات كانت تحمل في جوها العام هموماً وطنية وتطلعات لمستقبل قد لا تبدو ملامحه واضحة في ظل استمرار قضايا عالقة وأخرى تتعلق بمعنى ومفهوم الانتماء والوطنية في وطننا الصغير.
أحدهم قال لي إنني أحب البحرين لأنها تحتضن كل أنواع البشر ولا بأس من أن أكون حاملاً لأكثر من هوية وخاصة إن كنت أعاني من مشكلة الهوية والتنقل... فجواز السفر قضية لأن في ذلك مصلحة له ولباقي عائلته.
آخر تكلم عن البحرين ناقداً لمشهدها السياسي بلهجته الأصلية رغم أنه من المفترض أن يكون قد تبحرن لكونه اكتسب الجنسية وحاول أن يرتدي زيَّ أهل البلد، لكنه ورغم ذلك ظل وفياً للهجته ووفياً لانتمائه الأصلي وهو لا يتجرأ على نقد مشهد بلده الأصلي بتلك الجرأة التي يتكلم عن البحرين.
وهناك من يتفاخر بأصله، رغم أنه يتشدق ببحرينيته في أكثر من مناسبة تأتي له بمنفعة، إلا أنه في مناسبة أو مناسبتين فضّل أن يتفاخر بهويته الأصلية بدلاً من البحرينية لأن في ذلك فخراً له.
آخرون يرون في البحرين بحق موطنهم الذي عرفوه ولم يعرفوا غيره في اللهجة والمظهر والعادات فقرروا أن ينصهروا لأنهم جزء من هذا المجتمع، الذي إما ولدوا فيه أو عاشوا فيه سنوات أو خدم جيل آبائهم أو أجدادهم سنوات، ليستحقوا كسب الجنسية ويكونوا مواطنين بحرينيين.
ولكن النماذج التي ذكرت تبقى تعيش في دائرتها، لا تخالط شرائح المجتمع، وهي بالتالي تبقى تعيش عالمها الذي يغذي مصالحها المعيشية بالدرجة الأولى، وخاصة إذا كانوا من الانتهازيين والفئة التي تشتري وتبيع بموضوع «الوطنية» بحسب المكان والزمان والظروف.
بعض النماذج أصبحت الآن لا تتكلم إلا بصوت يحتقر مكونات النسيج البحريني وفقاً للقواعد التي تناسب مصالحها حتى تستمر في استحصال المزيد من ما تستهدفه أثناء عيشها على أرض هذا الوطن.
هناك بلا شك المخلصون الذين لا يزايدون على أهل البحرين، والذين تفخر البحرين بهم وبقدراتهم، لكن يجب أن لا نسمح للظروف تهضم الهوية الحقيقة للبحريني، ابن الأرض والنخل والبحر، فهذه مسألة ترتبط بوجدان الإنسان وبحقيقة «الانتماء و «اللا انتماء» للبلد الذي يعيش فيه المرء.
إن البحرين بلد يعشقه من ينتمي إليه، ومن يعيش فيه، وله هوية حضارية أكبر بكثير من المشاكل الآنية التي نمر بها، وعلينا أن لا نسمح باستمرار وضع يشجع على تضييع الانتماء، بحيث يتغنى البعض ببحرين تعطيه دعماً حياتياً لا يحلم به، ولكنه بدلاً من أن يتبحرن يتخذ من المزايدة على أهل الوطن سبيلاً للتعيش، بدلاً من التعايش والاندماج مع أهل البحرين.
ريم خليفة
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2981 - الخميس 04 نوفمبر 2010م الموافق 27 ذي القعدة 1431هـ