صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

هل تعرف شيرخان الشرير؟!
-بالطبع كلنا نعرفه، فـ شيرخان هو إسم النمر الشرير الذي كان يُهاجم ماوكلي الطيب ورفاقه!
 ولكن إليك المفاجأة التي قد تصدمك وتعرف كيف استطاع أعدائنا تشويه تاريخنا ببراعة فائقة!

-فمن هو شيرخان؟!

- عام 1530م كان هناك بطل مسلم يحكم أفغانستان وأجزاء من الهند، اسمه شيرخان 
اشتهر بالعدل وحب الدين، حتى أن المسلمين هناك كانوا يشبهونه بالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدله وزهده وأخلاقه السامية!  

كان جيش الملك شيرخان يحارب على حدود دولته فوق إحدى قمم الجبال، وكان هناك رجل مسكين يعيش في كوخ على هذا الجبل، وكان لا يملك من حطام هذه الدنيا سوى هذا الكوخ!

واحتاج الجيش أن يزيل الكوخ لأمر خاص بالخطط العسكرية الخاصة بالجيش.

وبالفعل أزال جيش الملك_العادل شيرخان كوخ هذا الرجل المسكين!
فماذا يفعل الرجل؟ ولمن يشتكي؟

فقد كانت حياته مرتبطة بقمة الجبل والصيد فيها والإحتطاب ورعي الأغنام، ولم يستطع من قبل التأقلم مع العيش في السهول وحياة المدينة!

فقرر الرجل الذهاب إلى الملك شيرخان نفسه ليشتكي له قائد الجيش لهدمه بيته!

وعندما وصل المدينة التي بها مقر الحكم سأل عن الملك شيرخان فقيل له إنه عند أطراف المدينة يلعب مع الأطفال!
فظن الرجل أن الناس يسخرون منه لملابسه الرثة وهيئته البسيطة! 
فسأل آخرون فقيل له نفس الرد!

فذهب للمكان الذي وصفوه له خلف المسجد الكبير بالبلدة فوجد ساحة كبيرة وبها أطفال يلبسون أجمل الثياب وأغلاها ووجد الملك شيرخان يلعب مع الأطفال!
ولما سأل من يقف بجواره من هؤلاء الأطفال؟
قيل له: هؤلاء اليتامى من أطفال المسلمين!

فقال الفقير: ولكن مظهرهم لا يدل على أنهم أيتام!
فقيل له: اليتامي عندنا يلبسون ثيابا أفخر وأقيم مما يلبسه باقي أولادنا، وهذا أمر من الملك شيرخان أن يكون مظهر الأيتام أحسن وأرقى من باقي الأطفال.

فاستبشر الرجل في الملك العادل خيرًا وظن بربه خيرا أن الله سيقضي له حاجته من الملك.
وفرغ الملك من اللعب مع الأيتام وذهب إليه أحدهم يبلغ الملك أن هناك غريب يريد الملك في حاجة له.

فقال لمحدثه: 
"ولِم لم توصله لي مباشرة فور أن حضر؟!
يا رجل، ربما الغريب جائع أو خائف او غير آمن! فكيف أسعفك فكرك إلى أن تؤخره عنا؟
سامحك الله يا رجل..

وكان يتحدث وهو في طريقه إلى الغريب خارج ساحة اللعب فلم يكن ليضيع الوقت مع محدثه والغريب ينتظر بالخارج..
ووقف الملك أمام الفقير وقال له بكل تواضع:

لبيك يا عبد الله، أنا خادمكم شيرخان..
هل لك من مظلمة فأقضيها لك بإذن الله تعالى؟
فانبهر الرجل الفقير من الرد وتلجلج في الكلام..

فطمأنه الملك وتبسم في وجهه وقال له:
تحدث يا عبد الله ولا تخف غير الله..
فوالله لو كان حقك عندي لجعلتك تقتصه مني الآن..

فزاد انبهار الرجل وعدم تصديقه !!

فقص الفقير قصته على الملك شيرخان، فقال له شيرخان: 
أبشر يا عبد الله فقد قُضيت مظلمتك، وهي في ذمتي الآن إلى أن يصلك حقك.
فأمر من فوره عقابا لقائد الجيش ان يؤخذ بيت قائد الجيش حتى يبنى للفقير بيتا فوق قمة الجبل وبجواره قلعة عسكرية بها ابراج للدفاع عن المنطقة ضد أي عدوان .

فزاد تعجب الرجل وهو يضرب كفا بكف !!
وحاول شكر الملك بكلمات الثناء والمديح فأوقفه الملك أن يكمل حديثه وقال بغضب وتواضع : 
"يا رجل لا تشكرنا إن أدينا لك حقك، فهذا ليس مالي ولا مال أبي، بل هو مال الله استخلفنا فيه لخدمة ضعفاء المسلمين قبل أقويائهم.

فوالله الذي لا إله غيره لإن أخسر المعركة ويأسرني العدو ويقطعني إربا حتى تأكلني السباع والجوارح، خير لي من أن ألقى الله يوم القيامة وفوق كتفى مظلمة فقير يحاججني بها بين يدي الله جل في علاه.
ورجع للرجل حقه، لتزهر وتزهو صفحة من تاريخنا الإسلامي العظيم، نرويها بكل عز وإباء..

فهذا هو أحد أجدادنا العظماء اللذين تم تشويههم، فاحكوا قصته لأولادكم وكل المسلمين، ليرتبط اسمه بوجدانهم كما ارتبط اسمه بالشر في وجداننا بسبب تشويه الأعداء.

المصدر:
-تاريخ الإسلام في الهند، عبد المنعم النمر .
-تاريخ شاهي، أحمد بادكار