يوم بكت أوروبا في ساعتين
معركة موهاكس
لماذا حرفوا التاريخ وقالوا إنها تركة الرجل المريض؟! ..هل سمعتم عن موقعة موهاكس..؟ إنها ليست معركة، بل كانت مذبحة..!
ذهب مبعوث "سليمان القانوني" لأخذ الجزية من ملك المجر وزعيم أوروبا وقتها: "فيلاد يسلاف الثاني"، وكانت المجر هي حامية الصليبية في أوروبا وقتها، فقام بذبح رسول "سليمان القانوني" بإشارة من البابا في الفاتيكان، فقد استعدت الكنيسة وأوروبا جيداً.
فجهز "سليمان القانوني" جيشه، وكان عبارة عن 100 ألف مقاتل، و350 مدفع، و800 سفينة،
وحشدت أوروبا جيشها، وكان عدده 200 ألف فارس.. منهم 35 ألف فارس مقنع كاملا بالحديد.
سار "سليمان" لمسافة حوالي 1000 كيلوا، وفتح معظم القلاع في طريقه لتأمين خطوط انسحابه، لو حدثت هزيمة لا قدر الله، واجتاز بقواته نهر "الطولة" الشهير، وانتظر في وادي موهاكس، جنوب المجر، وشرق رومانيا، منتظرا جيوش أوروبا المتحدة بقيادة "فيلاد" والبابا نفسه.
كانت مشكلة "سليمان" التكتيكية هي كثرة فرسان الرومان والمجر المقنعين بالحديد.. فتلك الفرسان لا سبيل لإصابتهم بالسهام أو الرصاص أو المبارزة، لتدريعهم الكامل ..
فماذا يفعل..؟!
صلى الفجر، ووقف قائلا لجنوده وهم ينظرون لجيوش أوروبا المتراصة، التي لا يرى الناظر آخرها، قائلا لهم بصوت باكٍ:
«إن روح النبي محمد تنظر إليهم بشوق ومحبة»
فبكى الجنود جميعا واصطفّ الجيشان ..
اعتمدت خطة "سليمان" على الآتى:
وضع تشكيل جيشه بطريقة 3 صفوف على طول 10 كم،
ووضع قواته الإنكشارية في المقدمة، وهم الصفوة،
ثم الفرسان الخفيفة في الصف الثاني، معهم المتطوعة والمشاة،
وأن يكون هو والمدفعية في الصف الأخير …
وهجم المجريون عقب صلاة العصر على حين غِرة، فأمر "سليمان" قوات الانكشارية بالثبات والصمود ساعة فقط، ثم الفرار، وأمر الصف الثاني الفرسان الخفيفة والمشاة بفتح الخطوط والفرار من على الأجناب، وليس للخلف.
وبالفعل صمدت الإنكشارية الأبطال، وأبادت قوات المشاة الأوروبية كاملة في هجومين متتاليين، بقوات بلغت عشرين ألف صليبي في الهجمة الوحدة، وانقضَّت ( القوة الضاربة ) للأوربيين وهي قوات الفرسان المقنعة بالكامل، ومعها 60 ألفاً آخرين من الفرسان الخفيفة.
وحانت لحظة الفرار وفتح الخطوط و انسحبت الانكشارية للأجناب وتبعتها المشاة..وأصبح قلب الجيش العثماني مفتوحا تماما..و دخلت قوات أوروبا بقوة 100 ألف فارس مرة واحدة نحو قلب القوات العثمانية بعد أن ابتلعت الطعم..!
فـكانت الكارثة..!
أصبحوا وجها لوجه أمام المدافع العثمانية مباشرة على حين غرة..
و التي فتحت نيرانها المحمومة وقنابلها عليهم من كل ناحية.. وفي ساعة واحدة انتهى الجيش الأوروبي،
وسقط الفرسان المقنعون، بعد أن ذاب الحديد عليهم من لهيب المدافع ..!
وأصبح الجيش المجري الذي استمر 637 عاما.. في ذمة التاريخ..!
وحاولت القوات الأوروبية فى الصفوف الخلفية الهرب لنهر "الطولة" فغرقوا وداسوا بعضهم البعض، فغرق الآلاف منهم تزاحما،
لا.. أَسْرى
وأراد الجيش الأوروبي الاستسلام، فكان قرار "سليمان" الرهيب الذي لن تنساه أوروبا له حتى الآن للأتراك العثمانيين وتذكره بكل حقد..لا أسرى ..!
فأخذ الجنود العثمانيون يناولون من يريد الأسر من الأوروبيين سلاحه ليقاتل حتى الموت
وانتهت المعركة بمقتل "فيلاد"، والأساقفة السبعة الذين يمثلون المسيحية، ومبعوث البابا، وسبعون ألف فارس.. ورغم هذا، تم أسر 25 ألفاً كانوا جرحى..!!!
ويقول المؤرخ "ألفريد ريبير" Alfred Rieber، والمتخصِّص في تاريخ المجر وشرق أوروبا: «انهارت دولة المجر بعد المعركة، وصارت موهاكس رمزًا لإذلال الأمَّة».
وصارت مثلا يضربه المجريون عند الكوارث فيقولون
«أسوأ من هزيمتنا في موهاكس»
وتم عمل عرض عسكري في العاصمة المجرية من قبل العثمانيين، وقبَّل الجميع يد سليمان تكريما له، بما فيهم الصدر الأعظم، ونظم شئون الدولة ليومين ورحل، وانتهت أسطورة أوروبا والمجر، وجيوشهم..، وبقى الجيش العثماني بكامل قوته لم يستنزف أبداً، فقد بلغت خسائره 1500 شهيدا، 3000 آلاف جرح.
هذه المعركة أغرب معركة في التاريخ، من حيث سرعة الحسم، وما زالت تثير تساؤلات واستهجان وحقد ودهشة البعض من المؤرخين الأوربيين، الذين يحاولون تشويه صورة السلطان سليمان القانوني عبر مسلسلات هابطة "حريم السلطان" الذي يراد به تشويه صورة هذا البطل المجاهد..!!
المصادر :
أوزتونا يلماز: تاريخ الدولة العثمانية،
فريد محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية
جرامون ﭼان – لوي باكي: أوج الامبراطورية العثمانية: الأحداث (1512-1606)،