مؤتمر «الوفاق» شرارة أشعلت العلاقة بين الحكومة والمعارضة
صحيفة الوسط - 28/02/2010م - 8:36 ص | عدد القراء: 77
لم يكن أحد في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أو حتى ضيوفها في مؤتمرها العام يتوقع أن تحصل الزوبعة التي شهدتها البحرين على مدى الأسبوع الماضي نتيجة كلمة الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان أمام المؤتمر.
وحتى سلمان نفسه لم يكن يخطر في باله مثل هذه الضجة وخصوصا أنه لم يمضِ شهر واحد على تثبيت المضمون نفسه في كلمة لها ألقاها في مجلس النواب، إذ قال في كلمته أمام المؤتمر العام: «إن الأهداف التي نسعى لتحقيقها كبيرة، ولكن العقبات دونها كثيرة، فإصلاح النظام السياسي وصولا إلى ملكية دستورية حقيقية يكون الملك فيهما «لآل خليفة» (...) ويكون الحكم فيها للشعب عبر حكومة منتخبة وتداول سلمي للسلطة التنفيذية في ظل حرية تشكيل الأحزاب وحرية الرأي، مسار لم ينجز في أية دولة عربية كما يجب حتى الآن».
وأشار إلى أن «إنجاز مهمة بناء الحكم الصالح بما يتضمن من وجود حكومة كقوة ومسألة خاضعة لاختيار الأمة، ووجود ومساواة حقيقية بين المواطنين في الحقوق والواجبات على أساس من المواطنة وحدها وبناء دولة المؤسسات والقانون، وتحقيق العدالة بين الناس».
كما أن كلمته التي نشرت في اليوم الثاني وحضرها عدد من قادة الجمعيات السياسية والكتل النيابية لم يعلق أي منهم عليها حتى بعد يوم من إلقائها، إذ إنها ألقيت مساء الخميس الموافق للثامن عشر من الشهر الجاري، وعقدت الليلة الثانية من المؤتمر في الصالة نفسها وهي صالة طيران الخليج من دون أي مؤشر يشير إلى حدوث شيء غريب.
إلا أن يوم السبت الموافق للعشرين من الشهر الجاري شهد نشر خبر عن مخالفة «الوفاق» للقانون بعقدها مؤتمرها العام في صالة طيران الخليج، كما شهد يوم الأحد إدانة مجلس الوزراء لعقد المؤتمر في صالة طيران الخليج، فضلا عن التعرض للعوائل، وليعرب كل من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة عن أسفهما لاستغلال مقر نادي طيران الخليج من قبل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في التطاول على الأفراد والعوائل، والإساءة لنظام الحكم، وفي استغلال مناخ الحرية لقضايا لا تدعم الوحدة الوطنية.
فيما أكدت «الوفاق» في بياناتها أن حديث أمينها العام لم يخرج عن المألوف وأنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها في هذا الشأن وأن جميع ما ذكره ينطلق من ميثاق العمل الوطني، وطالبت جميع الجهات بـ «تقديم ما يثبت تعرض الأمين العام للعوائل، كما أن جميع ما كتب لم يتطرق إلى ما قيل عنه إنه إساءة للعوائل».
ودخل وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة على الخط وليصدر بيانا يهدد فيه جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ومن مشى في ركبها مثل جمعية العمل الوطني الديمقراطي بأن الوزارة ستتخذ حيالهما الإجراءات القانونية، وعلمت «الوسط» أن وزارة العدل والشئون الإسلامية أرسلت خطابا إلى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تطلب فيه تزويد الوزارة بمقررات المؤتمر العام للجمعية، وأمهلت الوزارة جمعية الوفاق مدة 10 أيام منذ تاريخ انعقاد المؤتمر العام لتسليم ما صدر عنه، وتنتهي المهلة اليوم.
وقالت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في بيان أصدرته تعليقا على تصريح وزير «العدل» الأخير وتوعده بالإجراءات اللازمة حيال ما طرحه أمين عام الجمعية في مؤتمرها العام إن «الحري بالوزير أن يلتفت إلى من يعبثون بالأمن الاجتماعي لهذا الوطن، ويقتلون مبادئ المساواة، وينادون بالفصل بين المواطنين في جميع المواقع، وعلى رأسها المواقع العامة، فالوطن للجميع وهذا ما يحرك الوفاق دائما».
واستمرارا لاستغراب «الوفاق» لما جرى وحتى قيادتها، قال الشيخ عيسى أحمد قاسم الذي يعتبر المرجعية الدينية للوفاق في خطبته بجامع الإمام الصادق بالدراز بشأن ما جرى خلال الأسبوع الماضي: «قرأت بيان الوفاق في مؤتمرها الأخير قراءة عادية فما لفت نظري فيه شيء وما كان فيه جديد مثير، وإن تضمن نقاطا مهمة، أعقبته ضجة إعلامية واسعة مضادة ترميه باختراق الميثاق والدستور والتعدي على الأشخاص والعوائل، وخلطت ذلك بكلام عن ولاية الفقيه محذّرة ومتوعِّدة ومشرِّقة ومغرِّبة».
وتابع «جعلني ذلك أعيد القراءة ممعنا لأجد الجديد المثير في البيان، فلم أجد له عينا ولا أثرا، وجدته ـ كما هو ـ يتناول التعددية السياسية، والدستور التوافقي ونبذ التمييز والتوزيع العادل للثروة والخدمات الإسكانية والصحية والتعليمية التي تليق بمواطن».
--------------------------------------------------------------------------------
الجمعية متمسكة بتصريحات المسئولين قبل توقيع الميثاق... الديهي:
مشبوهون وزعوا تغطية مبتورة لخطبة الجمعة لإيهام الناس بازدواجية «الوفاق»
ندد نائب أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية، الشيخ حسين الديهي بما قامت به جهة وصفها بـ «المشبوهة» من اقتطاع وبتر أجزاء من الخطبة التي ألقاها في مسجد الإمام الصادق بالقفول أمس الأول (الجمعة) وصياغتها بشكل يوحي بأن الجمعية تتراجع عما جاء في مؤتمرها العام من التمسك بالمطالب الوطنية العادلة التي تضمنها ميثاق العمل الوطني.
وأوضح أن الجمعية وما أسماه «القوى الوطنية الشريفة في البلاد» لن تتنازل عن المطالب الوطنية العادلة في تنفيذ مقررات ميثاق العمل الوطني والتأكيدات الرسمية المنشورة على لسان الشخصيات الرسمية الرفيعة قبيل التصويت على الميثاق والتي تنص على ضرورة الانتقال إلى الملكية الدستورية متشبهة بالملكيات الدستورية العريقة التي تكون فيها أمانة رئاسة الوزراء للشعب تنفيذا للمبدأ الدستوري أن «الشعب مصدر السلطات جميعا» وترسيخا لمبدأ التداول السلمي للسلطة.
وقال الديهي: «إنه لمن المؤسف حقا لجوء الجهات المشبوهة لأساليب (...) في تحويل ما قلته في خطبة حضرها مئات المواطنين إلى صياغات تخدم مصالحها في وئد العملية السياسية الإصلاحية في البلاد».
وأضاف أن «إقحام موضوع العائلة الحاكمة الكريمة في هذا الموضوع منذ البداية من قبل المغرضين أتى من اجل إفساد أي توجه نحو تطوير العملية السياسية الحالية التي تشهد جمودا قاتلا على المستوى الوطني العام وعلى وجه الخصوص في مفرزاتها من تجنيس وتمييز فاضح يصل إلى العملية الانتخابية التي تميز بين المواطن وأخيه على أساس طائفي وعرقي بغيضين».
وحذر من خطورة ترك هذه الجهات المشبوهة التي تفتعل الأزمات، وبأقنعة مختلفة، مبسوطة الأيدي، فتارة تثير فتنا سياسية وتارة فتنا دينية وأخرى ما يمس بالعلاقات الخارجية.
وقال الديهي: «إن هؤلاء هم الخطر الأكبر الذي لا يحدق بالمشروع الإصلاحي فحسب بل يتجاوز خطرهم إلى أمن المنطقة بأسرها، فلم يعد خافيا على أحد عبثهم بالعلاقات الخارجية إصرارا منهم على إفساد اللحمة الوطنية والعلاقات الطيبة التي عرفت ورسخت منذ القدم بين البحرين شعبا وحكومة بين أشقائها وجيرانها».