بيان من المنبر التقدمي في ذكرى استشهاد المناضلين محمد غلوم وسعيد العويناتي
تمر في شهر ديسمبر الجاري، في الثاني وفي الثاني عشر منه، ذكرى استشهاد المناضلين محمد غلوم بوجيري والشاعر سعيد العويناتي، اللذين استشهدا في عام 1976، تحت التعذيب الوحشي الذي تعرضا له في أقبية الأجهزة الأمنية، في نطاق حملة قمعية واسعة طالت مناضلي الحركة الوطنية البحرينية في تلك الفترة، وبالأخص مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين، حيث تعرض الشهيدان وعشرات آخرون من مناضلي الجبهتين إلى أشد أنواع التعذيب الجسدي والمعنوي قساوة.
ولم تكن الحملة القمعية سوى واحدة من حملات أخرى على مدار مرحلة قانون أمن الدولة البغيضة التي دفع شعبنا وبلدنا ثمناً باهظاً فيها على كافة المستويات، وسطر فيها مناضلو التيار الوطني الديمقراطي الصفحات المشرقة في الصمود والتضحية والنضال البطولي من أجل حقوق الشعب في الحياة الحرة الكريمة، ومن أجل المشاركة السياسية والحقوق الدستورية والديمقراطية.
وكان استشهاد المناضلين الشاعر سعيد العويناتي، عضو جبهة التحرير الوطني البحرانية ومحمد غلوم عضو الجبهة الشعبية تعبيراً عن دخول مرحلة القمع البوليسي في تلك الفترة الى مستوى التصفية الجسدية في السجون والمعتقلات، رداً على تنامي الدور الكفاحي للمناضلين الوطنيين والتقدميين، الذين لم يثنهم ذلك عن مواصلة صمودهم، وتقديم المئات من المعتقلين وعشرات المنفيين.
وبعد نحو عقد من استشهاد سعيد العويناتي ومحمد غلوم أستشهد المناضل في صفوف جبهة التحرير الوطني البحرانية الدكتور هاشم العلوي تحت التعذيب، في الحملة البوليسية الواسعة التي طالت مناضلي الجبهة ونشطاء الحركتين الشبابية والعمالية، حين أراد الجلاد هندرسن شل نشاط جبهة التحرير والقضاء عليها، وقد بلغت هذه الحملة مداها باستشهاد هاشم العلوي وصدور أحكام قاسية بالسجن على العشرات من المناضلين ونفي المناضل العمالي عزيز ماشالله الى الخارج، ليرحل عنا في ظروف مؤلمة.
ان المنبر التقدمي إذ يحيي الذكرى الجليلة، ذكرى استشهاد سعيد العويناتي ومحمد غلوم، يؤكد أن دماءهما لم تذهب هدراً، فلولا المسيرة المعمدة بارادة النضال والصمود لم يمكن لشعبنا أن يحقق القدر المتاح من الحريات اليوم، ومن عزيمة الشهيدين ورفاقهما الكُثر من مناضلي حركتنا الوطنية الذين قدموا زهرات أعمارهم في النضال في ظروف العمل السري الصعبة ومشقات المنافي الباردة، يستمر مناضلو التيار الوطني الديمقراطي في العمل من أجل المثل والقيم النبيلة التي قُدمت من أجلها التضحيات.
إن إحياءنا لهذه المناسبة الوطنية في هذا العام والأعوام السابقة إحياء للمسيرة المشرفة من نضال حركتنا الوطنية وتأكيداً على مكانة التيار الديمقراطي ودوره في الحياة السياسية في البلاد في الظروف المتغيرة، ومناسبة للمطالبة بضرورة المعالجة الانسانية والسياسية المسؤولة لملف ضحايا التعذيب، من خلال استخلاص الدروس المؤلمة من تلك التجربة السوداء في تاريخ الوطن، ومنع تكرار ممارساتها بتجريم التعذيب ومعاقبة من يقترفه، وتعويض الضحايا أو ذويهم، واغلاق هذا الملف المفتوح، بصورة تساعد على مداواة جروح من نالهم العسف في مرحلة قانون أمن الدولة.
ومن هذا التاريخ المفعم بالتضحيات والإرادة نستمد العزم على مواصلة كفاحنا حتى تتحقق لشعبنا أهدافه في بناء الديمقراطية الحق، بما تتضمنه من حقوق دستورية غير منقوصة، ومن حريات عامة مضمونة بقوة القانون، ومن عدالة في توزيع الثروة والنهوض بأوضاع الجماهير الكادحة، وتأمين العيش الحر الكريم لها، بحماية المال العام، ووقف الفساد المالي والإداري القائم على نهب الملكية العامة ومصادرة حقوق الأجيال المقبلة من ثروة البلاد ومقدراتها.
كما ان هذا التاريخ يلهمنا في العمل على وحدة التيار الوطني الديمقراطي في البحرين، والذي يضم صفا واسعا من المكونات والشخصيات التي تجعل منه قوة نوعية مؤثرة، تشكل مصدرا قويا في وجه الاستقطاب الطائفي الذي تزداد وتيرته، ويحدث في المجتمع ما يحدث من تشظ وفرقة وانحراف عن أهداف النضال الوطني والديمقراطي التي رسختها تقاليدها حركتنا الوطنية بفضل تضحياتها الكبيرة على مدار عقود طويلة.
المنبر التقدمي
9ديسمبر 2010