مناورةٌ حكوميةٌ أخرى
بعد عدة محاولاتٍ فاشلةٍ لإقناع المواطنين بأهمية وضرورة ووجوب «وقف الدعم» عن المحروقات والسلع الأساسية، تعود الحكومة للمناورة مرةً أخرى، بطريقةٍ التفافيةٍ أقل إقناعاً وأكثر انكشافاً.
في مطلع العام الماضي (2010) لوّحت الحكومة بوقف دعم المحروقات، ولكنها تراجعت عن ذلك بعد انتقادات الصحافة وموقف الجمعيات السياسية في التحالف السداسي، التي نظّمت مسيرة شهيرة تحت عنوان «إلا لقمة العيش». وقبل نهاية العام عادت الحكومة للمحاولة مرةً أخرى، وواجهت معارضةً أشد، من مختلف الجمعيات السياسية التي نظّمت ندوات لمناقشة الموضوع (وعد والتجمع القومي والوفاق وأمل وحتى المنبر الإسلامي). الطرف الوحيد الذي وقف معها هم «المستقلون الجدد»، الذين تعرّضوا لانتقادات صحافية وشعبية شديدة، فتراجعوا عن موقفهم وصحّحوا أوضاعهم!
في تلك الفترة، نصحت إحدى الصحافيات المقرّبات الحكومة أن توجّه اهتمامها إلى الإعلام، لإقناع الناس بأن الدعم سيصب في مصلحتهم ويزيد في رواتبهم ويخلّصهم من ديونهم! وهكذا تحوّلت الأسابيع الثلاثة الماضية إلى مرحلة «دعوة» وتبشير لهداية البحرينيين إلى الطريق الاقتصادي القويم! فقد فتحت بعض الصحف صفحاتها لدعاة «النيو-ليبرالية» المتشددين، ونشرت مقابلات على عدة حلقات، كانت زبدتها أن رفع الدعم قادمٌ لا محالة مثل القدر المحتوم! مع تحريضٍ مكشوفٍ للحكومة على المضي في هذه السياسة الاقتصادية المدمّرة، شاء من شاء وأبى من أبى. وهكذا تكشّفت الفلول الليبرالية عن فكرٍ تبعيٍّ ينضح بالدكتاتورية والاستبداد، مع عجزٍ فاضحٍ عن إقناع الجمهور بأن «وقف الدعم» هو السياسة المثلى لحلّ الأمور!
التيار «النيو-ليبرالي» من أصغر التيارات السياسية حجماً وحضوراً وتأثيراً، ولكنه أكثرها غربةً وتخبطاً وانحيازاً ضد مصالح الناس. ومن آخر مؤاخذاتنا الكثيرة عليه، أنه لم يجرؤ على الحديث بكلمةٍ واحدةٍ عن تقرير الرقابة المالية، الذي أصبح حديث المجالس في كل مكانٍ، بينما تجنّد أقطابه للترويج لهذه السياسة المدمّرة التي ستوسع دائرة الفقر وتزيد من أعداد البؤساء والفقراء في البلاد.
بعد انقضاء فترة «الدعوة»، وفشل المدرسة المترهلة في التبشير بآرائها المتأخرة، عادت الحكومة قبل يومين للمحاولة مرةً أخرى، وكانت هذه المرة عن طريق المناورة بالأرقام. فبينما كانت الأرقام المعلنة عن الدعم طوال السنوات السابقة، تدور بين 400 و500 مليون دينار، ترمي الحكومة بأرقامٍ مُبالَغٍ فيها، تثير الكثير من الشكوك. فالرقم الجديد تمت مضاعفته مرتين، فقفز إلى 1200 مليون، ما يثير الكثير من التساؤلات عن طريقة الحساب الجديدة. فكيف يتم إقحام مصروفات الجامعة وهي ضمن المصروفات الجارية في خانة الدعم؟ وكيف يعتبر توفير السكن لموظفي الجامعة المستقدَمين من الدول الشقيقة دعماً؟ أية معايير يتم اعتمادها في هذه الحسابات؟ وهل تريدون أن تقنعوا شعباً مسيّساً حتى النخاع بهذه الأرقام؟
لقد وقعت الوزارة المعنية في خطأ جوهري برمي هذه الأرقام، فهي أرقامٌ لن تمر على الصحافة والبرلمان والشارع، حتى لو تم تداولها وتكرارها بشكل يومي. وهي أرقامٌ لن تصبح مألوفة لأن طريقة احتسابها تصطدم بالمنطق، فمن الممكن قبول خفض الرسوم الجامعية باعتباره دعماً، أما احتساب رواتب الموظفين وتذاكر سفرهم فهو نوعٌ من الالتفاف على الحقائق والتلاعب بالأرقام.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3044 - الخميس 06 يناير 2011م الموافق 01 صفر 1432هـ
وتجر ي انتخابات حره ونزيه دلك الوقت سوف نره ان الشعب سوف يحكم نفسه بنفسه تلك المطالب السئول عنها هو جعفر الخابوري فقط وليس صاحب المقال او احد اخر ولوحدي اتحمل العواقب القانونيه او مايترتب عليه الا قتراح