إذا جاء العيد
حينما يأتي العيد قلوبنا تختلف، مشاعرنا تختلف، هو يوم واحد ولكنه ليس كسائر الأيام، كلنا نتشابه في العيد، الصغار والكبار، الرجال والنساء، إذ تنطلق السجايا على فطرتها، وتكون النفوس أقرب إلى الطيب منها إلى افتعال الشر، وتكون أمنياتنا بقدر العيد وحجمه، فمن يهب لنا ما نتمناه في العيد؟
فما هو العيد؟ يقال إن العيد: هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، وفقاً لما يقوله ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدد، والمعنى الإنساني للعيد، يكمن في أنه يشترك فيه أعدادٌ كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد، لذا كان الفرح قريناً للعيد وفقاً لما جاء في قوله تعالى» قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (المائدة: 114). من الغرابة أن العيد يعود ليس كيوم ولكن يعاد بنفس الفرح، بل نجتهد أن تكون طقوسنا فيه مكررة كل عام، وإن حدث ما يخالف فإنه يكون في حال استثناء وليس الأصل، حتى تحياتنا فيه لم تعرف التغيير فما زلنا نردد «عيدكم مبارك» وسيرددها أحفادنا تماماً كما ورثناها من أجدادنا.
في صباح العيد، تغمر تكبيرة الصلاة أرجاء المكان، وتنشر رائحة القهوة والبخور أركان المنازل، ولا ترى إلا الثياب الزاهية تلوح في الشوارع تبرق من بعيد لتتباهى بالعيد، في العيد يتسامى فيه المسلمون وفيه يتجلى العيد الروحي للدين الإسلامي، إذ يكون فيه الناس من العموم والشمول ما يجعلهم جميعاً يشتركون في فرح واحد ويجتمعون بعد افتراق، لكن هناك قلوب في العيد موجعة من ألم الفراق لبعض أحبتها، تراها تنتظر بعيون مدعمة رغبة في اللقاء، لا نريد أن نكسرها في العيد، وهناك قلوب في العيد ترجف خوفاً على مستقبل بلد تاه في ضيق، ترجو الخلاص له في العيد، لتكبر قلوبنا كلما كَبرنا في العيد، فالشمل لا يلتئم إلا في العيد، والجفاء والقسوة لا تليق أن تكون مع العيد، فهل يأتي عيدنا هذا علينا بجديد؟
رملة عبد الحميد
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2927 - السبت 11 سبتمبر 2010م الموافق 02 شوال 1431هـ