يوم لم تعشه البحرين من قبل سالت فيه دماء أبنائها على أرصفتها
لم تعش البحرين من قبل يوماً كيوم أمس الخميس (17 فبراير/ شباط 2011). لم يكن أسعد أيامها كما وعد البحرينيون من قبل به، فقد تحول يوم الخميس ليوم دامٍ سالت فيه دماء البحرينيين على أرصفة دوار اللؤلؤة ونواحيها، بعد اقتحام كبير نفذته قوات الأمن فجر يوم أمس على المحتجين في التجمع السلمي في الدوار والذي وصفه الكثيرون بـ «المفاجئ».
وأسفر اقتحام قوات الأمن عن سقوط ضحيتين تعرضا بشكل مباشر للقذائف الانشطارية «الشوزن» في الساعة الثالثة فجراً، وعندما كان المحتجون نائمين، وهما محمود أحمد مكي (23 عاماً)، وعلي منصور خضير (53 عاماً)، وكلاهما من جزيرة سترة، وعشرات الجرحى من رجال ونساء وشباب وأطفال، إذ اختلفت درجات إصابتهم بين المتوسطة والخطيرة.
فيما سقطت الضحية الثالثة عيسى عبدالحسن من سكنة كرزكان ويبلغ من العمر 60 عاماً إثر تعرضه المباشر لطلقة رصاص انشطارية بالقرب من مجمع السلمانية الطبي وجهت له بشكل مباشر وعن قرب أدت إلى إحداث انفجار في جمجمة الرأس وتناثر مخه، في منظر لم يشهده الشارع البحريني من قبل. كما أعلن مساء أمس عن رحيل الضحية الرابعة وهو الشاب علي أحمد عبدالله المؤمن (22عاماً) من سترة الخارجية.
وبحسب شهود عيان فإن التحركات التي قامت بها قوات الأمن جاءت مفاجئة للمحتجين، إذ تفاجأ المحتجون بقوات أمنية مدنية تقتحم المخيمات، ومن ثم وابل من طلقات الغاز المسيل للدموع من قبل حشود كبيرة من رجال الأمن اتخذت من الجسر المحاذي للدوار موقع ارتكاز لها، فيما اتخذ فريق آخر من الشارع المؤدي إلى الدوار من اتجاه منطقة النعيم مساراً لهم لإحكام السيطرة على المحتجين، واستخدمت خلال هجومها الرصاص المطاطي والقذائف الانشطارية. وقال شهود العيان إن عملية الهجوم لم يسبقها أي إنذار، إذ إن معظم المحتجين من شباب ونساء وأطفال كانوا نائمين، وتفاجأوا بعملية الاقتحام الذي أوقع ضحايا بين قتلى ومصابين، فيما رافق ذلك وجود حالات فقدان لأشخاص لا يعلم عن وجودهم حتى الآن.أحد المصابين روى قصته لـ«الوسط» وأكد انه تفاجأ بعملية الاقتحام بينما كان نائماً وتم الاعتداء عليه بالضرب وسحبه بحبال ومن ثم أخذ كل ما لديه من مقتنيات (محفظة، كاميرا، وهاتف نقال)، مشيراً إلى أن المحتجين كانوا يرددون أثناء الهجوم الذي تعرضوا لها «سلمية... سلمية» للتأكيد على أن احتجاجهم سلمي لا يستدعي استخدام القوة ضدهم.
فيما روى آخر وهو يبكي في حالة هستيرية عندما وصل إلى قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي على نساء خرجن من خيامهن فزعات، وأطفال مرتعبين «ركضت في كل اتجاه لتفادي وابل الطلقات والقذائف التي كانت تلقيها عليهم قوات الأمن. وفر الكثير من المحتجين إلى القرى المحاذية للدوار فيما تمت عملية ملاحقتهم داخل تلك المناطق، إذ أكد شهود عيان اعتقال أعداد كبيرة منهم، لم يتم الكشف عنها في ظل وجود أعداد مفقودة لا يعرف عنها أي شيء حتى الآن، كما تم العثور على أطفال تائهين بالقرب من الدوار لم يعرف ذووهم، نقلوا إلى مجمع السلمانية الطبي». وروى شهود عيان قيام قوات الأمن بتفتيش كل السيارات الموجودة بالقرب من الدوار، فيما تم تكسير بعضها بحثاً عن محتجين. وبعد أن أحكمت قوات الأمن سيطرتها على الدوار وتفريق المحتجين، أعلن تلفزيون البحرين خلال الشريط الإخباري بأن المتحدث باسم وزارة الداخلية أعلن بأن قوات الأمن العامة قامت خلال فترة الصباح بإخلاء منطقة دوار اللؤلؤة من المتجمهرين، وذلك بعد استنفاد كافة فرص الحوار معهم، إذ استجاب البعض منهم وغادر بهدوء، بينما رفض آخرون الامتثال للقانون، الأمر الذي استدعى التدخل لتفريقهم.
إلا أن بعض المحتجين الذين التقتهم «الوسط» في قسم طوارئ السلمانية، أكدوا عدم توجيه إي إنذار لهم، ولم يشعروا بالهجوم، بل تفاجأوا به، مؤكداً أنه لو كان هناك إنذار مسبق لتم إخراج النساء والأطفال من المنطقة.