قراءة بين السطور
مطلوب أن نعبر المحيط بسلام
كتب سعود السمكه :
من دون أدنى شك ان فشل الحكومات الست السابقة، بما فيها الحكومة المستقيلة، يكمن بعدة اسباب: الأول، عدم تجانسها، وبالتالي عدم تضامنها.. ثانيا، عدم تعاطيها مع مسؤولية الحكم وفق الاطار الدستوري، بالإضافة إلى انها تفتقر الى الحرفية السياسية.. ثالثا، وهذا هو الأهم، معظم اعضائها يفتقرون الى شخصية القدوة في الالتزام بالنظام والقانون، فتجد الواحد منهم يتصرف بالوزارة التي يرأسها وكأنها مال سائب موضوع فقط لخدمته، فيوظف ويتنازل عن حقوق الوزارة ويوزع المناقصات ويبيع ويشتري بالقوانين إذا ما تعارضت مع مصالحه، وامامكم وزارة الدفاع كنموذج!
إذاً حكومة تتسم بهذه الصفات لا بد ان تكون فريسة سهلة للابتزاز من قبل بعض النواب الذين يستمدون وجودهم في البرلمان من سياسة مخالفة الانظمة والقوانين، وما دام ان السياسة الغالبة لدى الحكومة، اي حكومة، هي مخالفة الانظمة والقوانين، فإن الذي يأمل في الاصلاح يصبح كالعطشان الذي يأمل ان يشرب من السراب!
الآن هذه الحكومة السابعة التي يكلف بتشكيلها سمو الشيخ ناصر المحمد، وهي حكومة يفترض ان تكون بمنزلة «جبر» لكل الكسور والاختلالات التي تعانيها الحكومات الست السابقة.. أي انها حكومة في حكم المنطق استثنائية لظرف استثنائي.. والاستثنائية تعني انها حكومة تختلف عن سابقاتها اختلافا جوهريا لا شكليا، ابتداء أن تكون متحررة من كل الضغوطات التي كانت تمارس عند تشكيل الحكومات السابقة، فيكون التشكيل خاضعا لاعتبارات التوازنات والمجاملات، ثم نعود الى المربع الأول وكأنك يا بوزيد ما غزيت!.. والاستثنائية ان نكوّن حكومة تلتزم التزاما تاما بالمادة 123 من الدستور والتي تقول: «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية».. واستثنائية ان يتحلى اعضاؤها بأخلاق القدوة ويتميزوا بالحرفية السياسية ونظافة اليد والسمعة المهنية وأمانة الأداء.. واستثنائية أن يكون اعضاؤها مؤمنين بيقين راسخ أن الاصلاح لا يمكن أن يتحقق، من حيث المبدأ، من دون احترام القانون وتطبيق اللوائح والأنظمة.. واستثنائية ان يكون أعضاؤها واثقين من قدراتهم على أداء مسؤوليات الحكم على أكمل وجه، وبالتالي فليسوا بحاجة الى ان يتوسلوا هذا النائب أو ذاك او أن يضطروا للتفريط في المسؤولية من أجل ان يرضى عنهم نواب التخريب!
إن البلد اليوم يمر بظرف دقيق من خلال ما جرى ويجري في المنطقة العربية من أوضاع أقل ما يقال عنها انها ستحدث انقلابا جوهريا على مدى السنوات العشرين المقبلة في ما يتعلق بفلسفة الحكم التي كانت سائدة لدى الانظمة العربية والتي كانت ملوثة بشتى انواع الفساد، وهو فساد بطبيعة الحال لم ينشأ من فراغ بل تراكم نتيجة نظرة الاستسهال بعملية الحكم، حيث اصبحت الحكومات تشكل على اساس اعتبارات لا تمت بأدنى صلة للكفاءة والمصلحة الوطنية، بل على اساس ما يمكن تقديمه من ولاءات لتلك الانظمة!
لذلك علينا نحن هنا في الكويت، كوننا نتميز بنظام ديموقراطي قادرعلى حمايتنا من تلك الرياح الساخنة التي تجتاح المنطقة اليوم، ان ننظر نظرة موضوعية لمقتضيات المرحلة، فنبدأ بتشكيل فريق حكومي استثنائي ليعبر بنا هذا المحيط من المخاطر.
***
آخر العمود: أعزي الاخ جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة وعائلة الخرافي الكرام بوفاة المغفور له السيد ناصر محمد عبدالمحسن الخرافي طالبين له الرحمة ولأهله الصبر والسلوان..«انا لله وانا اليه راجعون».
سعود السمكه