الخليج: تراجع بحر شاب
تم حديثاً إصدار إحدى الأوراق العلمية بعنوان «الخليج: تراجع بحر شاب» في نشرة التلوث البحري «Marine Pollution Bulletin» التي تهدف إلى مراجعة الواقع الأحيائي/البيولوجي في حوض الخليج. هذا الإصدار حمل توقيع 24 خبير أكاديمي و استشاري لكل منهم دراسات بحثية متخصصة في دول حوض الخليج. الباحث الرئيس هو البرفيسور شارلز شيبرد من جامعة وارويك البريطانية وهو معروف عالمياً بسبب دراساته الأحيائية في مناطق معرضة للتهديد في المحيطات وصرح لي خلال لقائي به في مؤتمر البيئة العربي في الشهر الفائت بأن العدد الحقيقي لمؤلفي الإصدار يتجاوز الـ 30 لكن وبسبب عملهم في الجهات الحكومية الرسمية فإنه لم يذكر أسماءهم.
أهمية هذا البحث العلمي ينبع من تركيزه على تهديدات التغيرات التراكمية على الأنظمة الإيكولوجية للمناطق الساحلية والقاعية لحوض الخليج خلال العقد الماضي. العلماء المشتركون اتفقوا بأن أهم الأخطار التي تهدد استدامة النظام الإيكولوجي في الخليج تأتي بسبب التغيرات للموائل الساحلية بسبب الجرف الجائر والتعدي على المناطق الساحلية الضحلة وتحويلها إلى مناطق سكنية واقتصادية وصناعية. بلغة الأرقام، فإن40 من السواحل في فترة التسعينيات من القرن الماضي تعرضت للتغيير مما أدى إلى فقدان التنوع البيئي أما بعد الفورة النفطية في هذا العقد الجاري فالضرر أشد بسبب إنشاء العديد من الجزر البحرية وضعف الانتباه لمواضيع البيئة عند تصميم مشاريع البنية التحتية مثل الجسور.
الأرقام الإحصائية بالنسبة للبحرين جديرة بالذكر، فقد زادت مساحة المملكة من 668 كيلومتر مربع في العام 1963 إلى 759 كيلومتر مربع في العام 2007 أي بزيادة 91 كيلومتر مربع. الضرر على الموائل لم يقتصر على أماكن الدفان بل امتد وبمئات الكيلومترات المربعة إلى داخل البحر بسبب التجريف. وتوقع التقرير بأن جسر البحرين – قطر سيكون إحدى التحديات القادمة لأن نصف مسافة طول الجسر والذي يقدر بـ 40 كيلومتراً سيتم تغطيته بالرمال وبالتالي دفن شريط طويل من المسافة المقطوعة.
يعتبر وجود 800 حقل نفط وغاز في الخليج ونحو 25 ميناء بحري ضخم بالإضافة إلى مرور أكثر من 25 ألف ناقلة نفط في السنة من خلال مضيق هرمز تهديداً
جدياً للبيئة البحرية. فلاشك أن هذا النشاط النفطي الهائل في منطقة الخليج سيترك آثاره السلبية فهناك نحو 2 مليون برميل من النفط يتم سكبه في مياه الخليج سنوياً بسبب تنظيف ناقلات النفط في عرض البحر على الرغم من وجود قوانين عالمية تحد من هذه الإجراءات التي تؤدي إلى وجود تغير في الأصناف الحيوانية والنباتية الدقيقة في أعماق البحر مما يؤثر على التسلسل الغذائي.
إحدى الملوثات المهمة في الخليج هي المياه المالحة التي يتم إعادتها إلى البحر من محطات التحلية في دول الخليج العربية حيث تعالج هذه الدول 11 مليون متر مكعب في اليوم – أي 45 من الإنتاج العالمي بواسطة أكثر من 55 محطة ساحلية. لذلك تعتبر المياه المالحة والساخنة التي يتم إعادة ضخها إلى مياه الخليج يومياً تحدياً بيئياً مزمناً لدولها.
في الختام، يتوقع البروفيسور شيبارد في حال عدم انتباه المسئولين إلى مشاكله فإن هذا الخليج سيصبح من أقل البحار قيمة وأكثرها مشاكل
مجيد جاسم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2801 - السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ
_________________
نحن انصار حر كة جعفر الخابوري الثقافيه