تراكم الملوثات في الخليج
مع زيادة درجة حرارة الجو تدريجيا فهناك ضرورة لإعادة الحياة لأجهزة التبريد سواء في المنزل أو أماكن العمل. لكن قبل الضغط على مفتاح التشغيل هناك ضرورة لتغيير أو تنظيف مرشح الهواء لأن هذا العمل البسيط سيزيد من عمر أجهزة التبريد و يزيد من كفاءة استخدام الطاقة خاصة مع زيادة مطردة في عدد الأيام المغبرة.
على نفس السياق، فإن الإنسان يقوم بتنظيف العديد من الأجهزة الاستهلاكية أو الأدوات المنزلية لأن إهمالها سيؤدي إلى خسائر قد تكون أعظم في حال بقاء الوضع كما هو عليه! هذا بالنسبة للأمور الشخصية لكن ما الذي سيحدث في حال إهمال تراكم الملوثات والمواد الكيميائية في البيئة المحيطة سواء في الهواء أو الماء؟ هل يجب أن نعتمد على الطبيعة لتجديد الهواء الذي نستنشقه أو الماء الذي نشربه؟ وهل الطبيعة لديها القدرة على تخفيف تراكم تركيز هذه الملوثات؟
هذه الأسئلة وغيرها خطرت ببالي عندما قرأت ورقة علمية بعنوان «الآثار البيئية من المواد الكيميائية بسبب الانسكابات النفطية في الخليج» وهو من عمل بحثي للأستاذ أكرم دانيش من قسم الكيمياء بجامعة الملك عبدالعزيز السعودي. البحث تأكيد للمخاوف التي تعتري مواطني الدول الخليجية بسبب الأنشطة البشرية على ضفافها مثل دفان البحر، وعمليات تنقيب النفط البحرية، وتحلية المياه، وحركة ناقلات النفط، والحروب. أما بالنسبة للأرقام فهي تدق ناقوس الخطر فهناك مليون برميل من النفط يتم انسكابها في الخليج سنويا (2700 برميل يوميا)، و نحو 20-30 بالمئة من المياه العادمة لا يتم معالجتها مثل خليج توبلي قبل ضخها إلى البحر. أما بالنسبة للتحاليل فقد تم اكتشاف عدة ملوثات عضوية بنسب منخفضة في الكائنات الحية بالإضافة إلى المعادن الثقيلة مثل الزئبق والنيكل والنحاس بالقرب من محطات التحلية والطاقة.
الحوادث البيئية في منطقة الخليج تعتبر الأكبر في العالم ففي العام 1991 تم انسكاب نحو مليون طن من النفط من الأحمدي إلى الخليج بسبب حرب الخليج الثانية وما تم ضخه في هذا الحادثة يعادل ضعف ما تم سكبه بسبب انفجار بئر بترولي في العام 1979 في خليج المكسيك.
هذه الملوثات بسبب الأنشطة البشرية ستؤثر على فقدان التنوع الأحيائي، وتدهور التربة، وفقدان الرواسب والمغذيات مما يساهم في تدهور النظام الطبيعي لحوض الخليج. وإذا علمنا أن مياه الخليج تأخذ نحو 3-5 سنوات لتتجدد طبيعيا عن طريق مضيق هرمز فسنعلم أن التحديات البيئية التي تواجهها المنطقة الخليجية ليست باليسيرة وتحتاج إلى خطط إقليمية وعلمية للمساهمة في خفض الملوثات المتراكمة.
في الحقيقة، إن خطر تراكم الملوثات في الخليج العربي بسبب الأنشطة المدنية والحربية المتعلقة بعصر البترول في جميع دولها المطلة ولعدة عقود متتالية سيحتاج إلى إعادة نظر وهي فرصة لهذه الدول لبناء مجالات أكبر للتعاون المشترك في سبيل تحقيق بيئة مناسبة وصحية لهذا الجيل والأجيال القادمة وتحقيق مجتمعات مستدامة.
مجيد جاسم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2773 - السبت 10 أبريل 2010م الموافق 25 ربيع الثاني 1431هـ
_________________
نحن انصار حر كة جعفر الخابوري الثقافيه