حركة جعفر الخابوري الاسلاميه
نر حب بجميع الزوار الكرام ونر جو منكم التسجيل
حركة جعفر الخابوري الاسلاميه
نر حب بجميع الزوار الكرام ونر جو منكم التسجيل
حركة جعفر الخابوري الاسلاميه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الاسلاميه

احدر ان يصيبك فيروس الحقيقه فتشقى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بقلم علي محسن الورقاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جعفر الخابوري
المراقب العام
المراقب العام
جعفر الخابوري


عدد المساهمات : 11701
تاريخ التسجيل : 16/02/2010
العمر : 54

بقلم علي محسن الورقاء Empty
مُساهمةموضوع: بقلم علي محسن الورقاء   بقلم علي محسن الورقاء Icon_minitimeالإثنين مارس 05, 2012 12:35 pm

كفى إهانة للمعلمين

قلنا يوماً، ولا نزال نكرر، إن المـُعلِمَ مُقدسٌ لأن أسباب البصيرة وثمار الصلاح جودٌ من جوده، وان انقشاع الظُلمة والجهالة فضلٌ من فضله، وأن فضائله لا تُعد إنْ أعددتها، ومديحه لا كفاية له إنْ مدحته، ودَيـْنـَهُ لن يوفىَّ مهما وفيته. وانَّ قُدسيته مُستمدةٌ من صفته؛ فهو العالم والمنير والمحسن والكريم والصابر والحي الذي لا يموت وإنْ مات جسده، فهكذا هو «المـُعلِمُ» في حياته ومماته. بيد أنه كما يبدو لنا أن هناك عقولاً قد أقفلها الحُمْق، ونفوساً باتت خاويةً لانتقاص العقول، فكان نتاج هذا وذاك انتفاء الحكمة وغياب الفضيلة، لدرجة أن نسمع هناك من يقول: «إن المـُعلم ليس بمُقدَّس إنما العِلمُ هو المقدَّس».
فانظروا إذاً كيف هوت «العقول» لدى البعض حين نراهم يُقدسون المنقول (العِلْم) ولا يُقدسون الناقل (المـُعلم). ونخشى أن يقولوا غداً ان «النبوة» أقدس من النبي، وأن «الرسالة» أقدس من الرسول.
إنَّ ما نقف عليه اليوم من أمر هو ذاته الأمر الذي وقفنا عليه من قبل حين خاطبنا ضمائر السادة المسئولين بوزارة التربية والتعليم بعبارة مقتضبة كانت تُغني آنذاك عن اليراع، وهي «هل نسيتم أن المـُـقدَّس لا يُهان». غير أنهم كما يبدو لم يفهموا هذه العبارة، فيحتاج الأمر إلى أن نخاطبهم باليراع.
إنه وبعد مضي أكثر من ثمانية أشهر من قيام الأحداث السياسية في البحرين (وبالتحديد في أبريل/ نيسان الماضي) نسمع اليوم أن وزارة التربية والتعليم أوقفت بعضاً من المعلمين عن العمل لمدة عشرة أيام كعقوبة تأديبية بسبب تجمهرهم وغيابهم إبان الأحداث السياسية المشار إليه، وأنها عادت لتوقيف بعض المعلمين عن العمل بعد أن أوقفتهم من قبل بالمدة نفسها ولـ «الجرم» السابق ذاته، أو أنها عاودت من جديد بخصم عشرات الأيام من أجورهم على دفعات كعقوبة تأديبية لـ «الجرم» الأول ذاته، حتى علمنا (طبقاً لما نُشر في إحدى الصحف المحلية) أن بعضاً من المعلمين لم يحصلوا على راتب شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي نتيجة الخصومات التي وقعت عليهم تأديبياً بسبب ذلك «الجرم».
فإذا كان ذاك ما قيل وسمعناه صحيحاً فقد استوجب أن نقف وقفة صريحة باسم القانون والعدالة، بعيداً عن السياسة وعن عبارات الإنشاء ومصطلحات الأدب، لنردد ما قلناه من قبل، فيما يلي:
أولاً: لا يجوز معاقبة أي عامل أو موظف بأية عقوبة تأديبية إلاّ إذا توافرت شروط صحة الجزاء التأديبي واحترام الضوابط القانونية المقيدة لتنفيذ الجزاء، وأهمها:
(1) تحديد موضوع الخطأ (أو المخالفة) تحديداً واضحاً لا لبس فيه، وبيان تاريخ وقوعها، وإبلاغ الموظف بها كتابياً، مع وجوب ذكر النص القانوني المـُقرِر للعقوبة، استناداً لمبدأ «لا عقوبة إلاّ بنص». ومن ثم الاستماع إلى أقوال الموظف المتهم وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في محضر يوقِّع عليه قبل تقرير العقوبة.
(2) إبلاغ الموظف بالعقوبة المقررة عليه ومنحه فرصة كافية للتظلم قبل تنفيذها.
وهذا الإجراء واجب التطبيق بحكم القانون مهما تكن نوع المخالفة وحجم العقوبة، وإنَّ عدم تطبيقه طبقاً للقانون تمسي العقوبة باطلة.
بيد أن هذا الإجراء مع المعلمين المعنيين لم يجرِ كما رسمه القانون. بل ليس هذا وحسب، إنما بلغ إلى حد يُخفق القلب ويوهن النفس، إذ علمنا أن جهة ما بوزارة التربية اتصلت تلفونياً بمعلم وأبلغته رسالة مقتصرة (أنت موقوف عن العمل مدة عشرة أيام اعتباراً من يوم غد... والسلام).
وهنا يحق لنا أن نسأل: هل أن مثل هذا الأسلوب دليل جهل بالقانون، أم انه وجه من وجوه الإهانة بالمعلمين؟. ولمَ المعلمون بالذات دون غيرهم؟. هل لأنهم ذوو قدسية وجلالة فكان ذلك جزاؤهم؟
ثانياً: إذا ما ثبُت جدلاً وقوع الخطأ وجب أن تكون العقوبة متناسبة مع مستوى المخالفة ودرجة جسامتها وفي الحدود التي رسمها القانون، ولا يجوز توقيع عقوبة على مخالفة واحدة أكثر من مرة.
بينما الواقع أن عقوبات الخصم كما سبقت الإشارة إلى ذلك كانت متكررة فأدى ذلك إلى عدم تناسب مستوى المخالفة مع حجم العقوبة، وهذا يُعدُ مخالفة صريحة لأحكام القانون.
ثالثاً: لا يجوز مساءلة الموظف تأديبياً بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم رئيسه المباشر بوقوع المخالفة طبقاً لحكم المادة (24) من قانون الخدمة المدنية رقم (48) لسنة 2010.
بينما الواقع أن العقوبات الموقعة على المعلمين المعنيين كانت بسبب تجمهرهم وغيابهم عن العمل في شهر أبريل الماضي، أي منذ ثمانية أشهر ونيف مضت على وقوع المخالفة المنسوبة إليهم، وهذا يُعتبر أيضاً مخالفة صريحة لأحكام القانون.
رابعاً: هناك مبدأ حري بالإحاطة به وهو مبدأ «لا عقوبة إلاّ بنص». بمعنى أنه إذا لم يوجد نص في القانون يعاقب الأفراد على فِعْلٍ ما، فلا يجوز توقيع العقوبة عليهم وإنْ ارتكبوا هذا الفعل.
وانطلاقاً من هذا المبدأ دعونا نقف على مدى تطبيقه.
فقانون الخدمة المدنية الذي صدر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 جاء في المادة الثانية من ديباجته النص التالي: «يصدر رئيس مجلس الوزراء بقرار منه اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل به، وإلى أن يتم إصدار هذه اللائحة يستمر العمل بالقواعد واللوائح المعمول بها حالياً».
فمن النص السابق نستخلص أن اللائحة التنفيذية المنفِذَّة لأحكام قانون الخدمة المدنية يُعمل بها حتى تاريخ 19 نوفمبر 2011 فقط، إذ ينتهي مفعولها بعد هذا التاريخ وتصبح وكأنها لم تكن بحكم القانون.
وحيث تبين أنه لم تصدر بعدُ لائحة تنفيذية جديدة بدلاً من اللائحة المنتهي مفعولها سابقت الذكر، والتي كما قلنا اعتُبرت كأن لم تكن بعد ذلك التاريخ، فهذا يعني أننا اليوم في فراغ تشريعي، أي بمعنى أوضح انتفاء وجود النص حالياً. وبانتفاء وجود النص تصبح العقوبة بلا نص. وحيث المبدأ يقول «لا عقوبة إلاّ بنص»، فإن أية عقوبة لا تقوم أو لا تستند إلى نص عقوبة باطلة.
وبناء عليه فإن العقوبات التأديبية التي تقررت على المعلمين بعد تاريخ 19 نوفمبر 2011 بمقتضى اللائحة التنفيذية عقوبات باطلة، وذلك لعدم وجود النص. وهنا نعني بالطبع القواعد الإجرائية الخاصة بتأديب الموظفين المنصوص عليها في هذه اللائحة، وليس النصوص العامة التي قررها قانون الخدمة المدنية.
وقد يقول قائل: إن المخالفة سبب العقوبة قد وقعت إبان نفاذ اللائحة التنفيذية المشار إليها وقبل انتهاء مدتها. فنقول: إن من المستقر عليه في تطبيق النصوص الجنائية أو التأديبية تكون العبرة دائماً بتاريخ صدور الحكم بالعقوبة لا بتاريخ المخالفة أو الخطأ. فإن تقررت العقوبة في وقت خلا فيه القانون من نص معاقب فإن العقوبة تكون باطلة وإن وقع الخطأ في وقت كان النص قائماً.
فإذا كان المشرِّع قد أخطأ بتجاهله أو تأخره عن إصدار الأحكام المقررة للعقوبة فأوقعنا في فراغ تشريعي فلا يجوز تحميل الأفراد جريرة هذا الخطأ.
وكم قرأنا تعقيباً من وزارة التربية والتعليم نُشر في الصحف المحلية تقول فيه: إن توقيع العقوبات على المعلمين كانت طبقاً لأحكام القانون، فأخبرينا يا وزارة التربية والتعليم الموقرة بأحكام القانون في هذا الصدد فقد نجهلها، ونكون لكِ من الشاكرين. وإلاّ نعتذر لك بالقول: اتقي الله من الغول في الإساءة بأهل العزة والكرامة ورجال المجد والنُبل «المعلمين»، وكفى إهانة بهم


علي محسن الورقاء

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3410 - الأحد 08 يناير 2012م الموافق 14 صفر 1433هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mzmzmz.yoo7.com
جعفر الخابوري
المراقب العام
المراقب العام
جعفر الخابوري


عدد المساهمات : 11701
تاريخ التسجيل : 16/02/2010
العمر : 54

بقلم علي محسن الورقاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: بقلم علي محسن الورقاء   بقلم علي محسن الورقاء Icon_minitimeالإثنين مارس 05, 2012 12:36 pm

دعـوا السياسة لأهلها

تعلمنا أن السياسة ثقافةٌ وفِكرٌ ومَعرِفةٌ وحِكمةٌ ودهاء، أي بمعنى أن من يريد أن يلِجَ عالم السياسة يجب أن يكون مثقفاً ذا فكرٍ تتجلى فيه المعرفة بقواعد السياسة وفنونها، وأن يكون حكيماً، وأن يمتلك عناصر الدهاء الذي لا يمس الفضيلة أو يتنكب عنها، أي ما يسمى «الدبلوماسية السياسية».
وعندما نقول بـ «الفكر السياسي»، أو «المعرفة السياسية»، إنما نعني المعرفة القائمة على ركنين، لابد أن يكمل بعضهما الآخر، الركن الأول هو وجوب أن يكون السياسي مثقفاً ومفكراً سياسيّاً، أي بمعنى أن يكون ملمّاً بقواعد وأصول السياسة عن دراسة علمية واطلاع واسع، أو عن فطنة ذاتية خارقة تؤهله لأن يكون سياسيّاً، لا أن يكون ولوجه في عالم السياسة لمجرد رغبة جامحة في نفسه، أو عن فضول، أو لحب في الظهور والشهرة. وأن يكون قادراً على التعبير، لأن في السياسة تحاوراً وعِظَة، والمـُحاور أو الواعظ يجب أن يكون متحدثاً فصيح اللسان. وأن يكون كذلك موضوعيّاً ثابت الرأي، لأن السياسي دليله يقينه، ومن لا يكون دليله يقينه يصبح كالسفينة بلا شراع تجره الرياح أينما ذهبت، فلا يصلح أن يكون سياسيّاً.
أما الركن الثاني: فهو المعرفة بالواقع، أي الاطلاع على الواقع المعايش (موضوع الحدث السياسي) عن معرفة مباشرة، لا عن معرفة سمعية. بل لا يكفي هذا الاطلاع المباشر، إنما يجب فوق ذلك الاطلاع على مكنون وخفايا هذا الواقع، لا أن يكون اطلاعه سطحيّاً، كمن يُخَطِّئ فئةً أو يتهمها بالجرم أو بالضلال قبل أن يقف على مضمون هذا الجرم ويتعرف على وجهة نظر هذه الفئة في حوار هادئ وجدي بعيداً عن العصبية.
أما «الحكمة السياسية» فهي المميزات التي يجب أن يتحلى بها السياسي، مثال ذلك:
1) أن يكون قادراً على التوازن بين الأخلاق والمصلحة.
2) أن يكون حاذقاً يدرك المخاطر وينأى عنها.
3) أن يكون قادراً على اتخاذ القرار السليم والصائب.
4) أن يكون صبوراً على مضض السياسة.
5) أن يتبع الحق ولا يكون أسير العواطف والشهوة والعصبية، لأن «الحكمة لا تسكن قلباً مع شهوة أو عصبية» (قولٌ لسيدنا الامام علي ابن أبي طالب (ع)).
أما الدهاء السياسي، فلا يقصد به هنا المكر والخداع، إنما هو «الدبلوماسية السياسية» التي تقوم على الأسلوب الفني من المناورة والتكتيك، وعلى قاعدة حسن المجاملة وآداب الكلام، شرط أن يكون هذا الدهاء شريفاً طاهراً لا يمس الفضيلة.
فإذا ما اجتمعت تلك الصفات والعناصر السابقة في شخص ما، جاز أن نقول عنه أو ننعته بالسياسي، وإلاَّ فلا.
بيد أننا نلحظ أن الساحة أمست اليوم تعجُّ بمن يطلق عليهم «رجال السياسة»، حتى المهجنين وأشباه الأميين (الذين خلت ملفاتهم من صحيفة السيرة الذاتية كي لا تنكشف هويتهم ومنزلتهم العلمية الهابطة). ولجوا السياسية وتقمصوا رداءها، فكان هذا الواقع بحق من سخرية القدر وعجائب الدهر.
ويا ليت هؤلاء اكتفوا بالمقعد السياسي وحسب، إنما ذهب بعضهم إلى حد توظيف مقاعدهم في زرع بذور الفتنة الطائفية وخلق الكراهية بين الناس، وفي ذم هذا وتخوين ذاك، وكأن مقاعدهم السياسية ليست لها وظيفة سوى هذا الغرض.
فلا ندري هل أن العُقم الفكري والسياسي لدى أولئك قد أنساهم أن في سلوكهم هذا تقطيع النسيج الاجتماعي وحرق الوطن... أم أن عقول هؤلاء هوت إلى حد الانصرام!؟
وفي نافلة القول أقول لمن يهوى السياسة؛ تعلَّم أولاً كيف تحب الوطن، ثم تعلَّم البلاغة وآداب الكلام، ثم تعلَّم كيف تكون حكيماً، ثم تأكد هل أنت حاذق وصبور، وإلاّ فاترك السياسة لأهلها


علي محسن الورقاء

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3405 - الثلثاء 03 يناير 2012م الموافق 09 صفر 1433هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mzmzmz.yoo7.com
جعفر الخابوري
المراقب العام
المراقب العام
جعفر الخابوري


عدد المساهمات : 11701
تاريخ التسجيل : 16/02/2010
العمر : 54

بقلم علي محسن الورقاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: بقلم علي محسن الورقاء   بقلم علي محسن الورقاء Icon_minitimeالإثنين مارس 05, 2012 12:37 pm

ظاهرةٌ ليست من الأخلاق في شيء

ظاهرةٌ غريبةٌ عن المجتمع الإنساني المتحضِّر قد لا تُصَدِّق من يرويها، أو قد يُوصف راويها بالمهرِّج، لا لأن غرابتها هي دون التصديق، وإنما لأنها بعيدة عن فَيء الفطرة وصفوة الأخلاق وحياض الأديان كل الأديان، ولهذا غَدتْ ظاهرة غريبة مفزعة عسيرة على التصديق، لكنها على كل حال حَدثَتْ بحق وحقيقة صَدَّقتَ أم لم تُصدِّق.
هذه الظاهرة سَوءةٌ من مساوئ الأخلاق لو وضعتها في ميزان العدالة الاجتماعية لوجدتها ثقيلة ثقل الجبال الرواسي، ذلك لأنها عندما تُلقي بظلالها تجدها تحمل في ثناياها بذور الفتنة والكراهية والبغضاء والحقد ورفض التعايش وعدم قبول الآخر، فضلاً عن أنها تُكرِّس الطائفية المقيتة، فتثمر حصاداً مآله تقطيع الأمة زبراً.
هذه الظاهرة التي وقفنا عليها عن كثب مؤخراً (وإنْ قيل لنا إنها قديمة متكررة) تتجسد في مشهد واحد تبدأ فصوله وتنتهي في مكان واحد. ولكي لا نطيل اليراع نَلِج إلى هذه الظاهرة بتصوير مشهد من مشاهدها كما رأيناه. فقد اصطفت الحافلات التي تنقل حجاج بيت الله الحرام داخل حدود مملكة البحرين الواحدة تلو الأخرى في مسار واحد وفي طابور منتظم بأعداد لم تتجاوز خمس حافلات آنذاك، وكانت كل حافلة تنتظر دورها لساعة أو أكثر هي في زمن المسافر طويلة جداً. وبعد برهة من الزمن قَدُمت حافلة سادسة فأخذت موقعها في الطابور لتكون هي الرقم السادس، وبعد دقائق قليلة جداً من وصولها تصدر الأوامر إليها للتقدم إلى الأمام لتصبح هي الرقم الأول، في مشهد أدهش ركاب الحافلات الخمس الآخرين المنتظرين وجعلهم في حالة من الوجوم والذهول وقد كساهم الغيظ وأجهشتهم الزفرة، في حين كانت قهقهات حجاج تلك الحافلة (المُقدَّمة عليهم) تعلو بسخرية وكأنهم يعلنون فوزاً بنصر عظيم على أقرانهم.
وعندما سأل الحجاج المنتظرون عن أسباب هذا التصرف الذي يحمل رُبى التمييز لم يجدوا حينذاك جواباً مقنعاً سوى القول «لا دخل لكم»، في حين تبين لنا السبب ظاهراً بأن تقديم تلك الحافلة كان عائداً إلى أنها كانت تنقل حملةً لحجاجٍ من فئة معينة استناداً إلى ما هو واضح من اسمها المُثبَّت على واجهة الحافلة، بخلاف باقي الحافلات التي كانت تنقل حجاجاً من فئة مغايرة.
وبعد أن انتهى هذا المشهد، وخف الغيظ لدى أولئك الواجمين، عادوا إلى خالقهم بالقول «حسبنا الله ونعم الوكيل». بيد أن انتهاء هذا المشهد لا يعني خروجه من الذاكرة، ولا يعني أبداً انتهاء تداعيات هذه الظاهرة، بل إن تداعياتها بدأت فور انتهاء ذلك المشهد وستبقى حتماً في لب الذاكرة تُهيِّج المشاعر وتشحن القلوب كُلما تكررت.
ومع أننا على يقين بأن الذين أصدروا الأوامر بتقديم أولئك الحجاج على أقرانهم لا نخالهم سوى أنهم صغار المستخدمين، في الوقت الذي نختلف فيه مع من يرى أن هناك توجيهات أو توجهاً يقضي بهذا التمييز، غير أن ذلك لا يعني أن يظل كبار الإداريين القائمين على إدارة الجسر بمنأى عن المساءلة أو العتاب على الأقل.
ونحن في سياق هذه المساءلة والعتاب نسأل هؤلاء السادة كبار الإداريين ما يأتي: ألاَ تدرون أن هذه الظاهرة وهي صورة من صور الازدراء بطائفة من الناس معاقب عليه جنائيّاً بمقتضى حكم المادة رقم (172) من قانون العقوبات، وأنها ضربٌ من ضروب إساءة استعمال الوظيفة المعاقب عليه جنائيّاً أيضاً؟ وهل نسيتم أن قوام العدل هو المساواة بين الناس، وأن أسمى المساواة وأعلاها اجتناب التفضيل بينهم إلاّ بمقتضى قواعد التفضيل، ونبذ التمييز إلاّ في إطار الأسس العادلة للتمييز؟ وأنه لا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى؟
وهل تعلمون أن مِنْ أحسنِ المكارم هو خدمة الحاج والمعتمر، لأن الحاج والمعتمر وافدان إلى الله، فكان حقّاً على الله أن يُكرمهما. ذلك هو ما علمنا أياه رسول الله (ص) بقوله: «الحاج والمعتمر وفد الله، وحقّ على الله تعالى أن يكرم وفده»، فإذا كان هكذا لهما الحق على الله أليس من الأولى أن يكون حقهم على العباد أكبر وأوفى؟
وفي سياق العتاب ذاته نُذكر الأخوة الإداريين في الجسر؛ بأن أي مواطن فرد هو خيط رفيع في نسيج الوطن، وأن تقطيع هذه الخيوط تدمير لنسيج الوطن. وأن المواطنين متساوون في الحرمة والكرامة، وأن أية فئة ترى أنها مميزة، أو أن الوطنَ حِكرٌ عليها فهي دعاة باطل وأسيرة الهوى، ترنو إلى شرذمة الوطن والإضرار به سواء أبصرت ذلك أم لم تُبصر.
فإن لم تدركوا أيها السادة هذا وذاك كان حقاً عليكم أن تدركوا على الأقل أن ما حدث كان ظاهرةً هي ليست من الأخلاق في شيء، بل هي سوأةٌ من مساوئه، لأنها كما قلنا سلفاً بعيدة عن فَيْء الفطرة وصفوة الأخلاق وحياض الأديان


علي محسن الورقاء

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3367 - السبت 26 نوفمبر 2011م الموافق 30 ذي الحجة 1432هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mzmzmz.yoo7.com
جعفر الخابوري
المراقب العام
المراقب العام
جعفر الخابوري


عدد المساهمات : 11701
تاريخ التسجيل : 16/02/2010
العمر : 54

بقلم علي محسن الورقاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: بقلم علي محسن الورقاء   بقلم علي محسن الورقاء Icon_minitimeالإثنين مارس 05, 2012 12:40 pm

التعسف والظلم صنوان؟

ما وقع على العمال المفصولين والموقوفين عن العمل من دون وجه حق كان تصرفاً وصفه البعض بـ «الفصل التعسفي» استناداً لقاعدة «التعسُف في استعمال الحق» أو «إساءة استعمال الحق» الموجب للتعويض، والمنظور إليه على أنه فعل أو تصرف يُحرِّمه القانون ويعاقب عليه مدنياً عملاً بأحكام المادة رقم (108) من قانون العمل التي جاء فيها «إذا كان إنهاء العقد دون مبرر اعتبر الذي أنهاه متعسفاً في استعمال حقه والتزم بتعويض الطرف الآخر عما يصيبه من ضرر». بينما وصفه البعض الآخر بـ «الظلم» باعتباره عملاً شنيعاً وذنباً فظيعاً، ذلك لأن فصل العامل من عمله يعني بالضرورة قطع رزقه ورزق عياله وهو من الموبقات ومحرم شرعاً دون جدال.
بيد أننا لا نرى بين هذا الوصف وذاك اختلافاً من حيث المضمون سوى في الاسم فكلاهما صِنوان، أي انهما نظيران متماثلان. وهذا ما سنثبته تباعاً:
فالظالمون (أو المتعسفون) سواء بسواء، ينقسمون إلى ثلاثة: أولهم ظالمٌ حملته عصبيته وحقده البغيض على الظلم أو التعسف، وثانيهم ظالمٌ دفعته مصالحه غير المشروعة إلى الظلم، وثالثهم ظالم جَهُولٌ لا مصلحة له ولا علم لديه إنما أعان الظالمين في ظلمهم عن جهل.
فأول الظالمين (أو المتعسفين) وأبلغهم تنكيلاً هو ذاك الذي حملته عصبيته وحقده على الظلم الذي هو بطبعه وغريزته شخصٌ صَلفٌ قاسي القلب، وهو ممن أشار إليهم القرآن الكريم بقوله: «قستْ قلوبُهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجرُ منه الأنهار وإن منها لم يَشَّققُ فيخرُجُ منه الماء، وإن منها لما يهبطُ من خشية الله» (البقرة: 74).
فهذه الصورة الإلهية الرائعة تصور لنا الصم البكم العمي المتمثل في هذا المتعسف أو الظالم الصَّلف المتعصب الذي يظلم لا لمصلحة يرجوها إنما لإرضاء ضغائن قلبه وإطفاء نار حقده، والذي لا تفيد فيه النصيحة وإنْ استحسنها، ولا يُقوِّمُه الحق وإن استدركه وعَلِم به، ولا توقفه الخشية وإن لمسها، ذلك لأن نيران الحقد قد كمنت في صدره فلا تنطفئ إلا بموته أو بظفره.
وهذه الشخصية ذاتها لحظها القانون المدني البحريني في المادة رقم (28) في نظرته إلى المتعسفين، فيقول: «يكون استعمال الحق غير مشروع إذا لم يقصد به (أي المتعسف) سوى الإضرار بالغير». أي بمعنى أن من التعسف هو ذلك الفعل الصادر من الشخص الذي لا يهدف من وراء فعله وتصرفه جلب أي مصلحة مشروعة لنفسه إنما فقط لغاية الإضرار بالغير حتى وإنْ حاق به ضرر هو الآخر. وهذه الصورة تماثل تماماً صورة «الظالم» الأول سابق الذكر، ما يؤكد أنهما صِنوان وإنْ اختلفا في الاسم فقط.
أما الظالم (أو المتعسف) الثاني الذي دفعته مصالحه غير المشروعة إلى الظلم فهو وإنْ يكن أهون شراً وأقل قسوة من الأول من حيث انه لا يظلم أو يتعسف إلا لمصلحة يبتغيها، إنما يظل هو الآخر حاملاً وصف الصم البكم العمي، استناداً لما صوَّره لنا القرآن الكريم بقوله: «ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة... أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعِهم وأبصارِهِم وأولئك هم الغافلون، لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون». (النحل:106، 107، 108).
وحيث ان عبارة «استحبوا الحياة الدنيا» الواردة في النص القرآني سالف الذكر تعني المصلحة، وهي بالطبع المصلحة الدنيوية، فإن هذه الشخصية المقصودة في النص هي إذاً ذاتها الشخصية التي لحظها القانون المدني البحريني في المادة (28) المشار إليها سلفاً، بقوله «يكون استعمال الحق غير المشروع (أي من قبل المتعسف) إذا كانت المصالح أو المصلحة التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، أو إذا كانت المصالح أو المصلحة التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها».
وعليه فإن هذه الصورة هي الأخرى تماثل تماماً صورة «الظالم» الثاني سابق الذكر، ما يؤكد لنا ثانية أن «الظالم» و «المتعسف» صِنوان وإن اختلفا في الاسم فقط.
وأما الظالم (الثالث) الذي لم تتشرب روحه بالحقد وليست له مصلحة إنما ظلم عن جهل وعن غير دراية، «الذي من أخلاقه الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم». فهذا الظالم كسابقيه آفة في المجتمع، ولهذا قال عنه سيدنا الإمام علي ابن أبي طالب (ع) بأنه «شجرة لا يخضر عودها وأرض لا يظهر عشبها» وهو «ميت بين الأحياء».
هذه الشخصية ذاتها قد شخصها القانون المدني حيث يشير في أكثر من موقع بقوله: «إن الجهل بالقانون لا يعفي من المسئولية»، و «إن القانون لا يحمي المغفلين».
وعليه فإن هذا الظالم يظل هو الآخر منعوتاً بـ «الظالم» ويحمل سوءة الظُلم، وهو ليس بمنأى من الحساب ولا يحق له أن يتوسَّل بجهله ليدرأ عن نفسه العقاب. ومن خلاصة ما تقدم ننتهي إلى أن «الظالمين» و «المتعسفين» أياً تكن درجاتهم فهم متماثلون، ومن ثم نلخص إلى القول إن «التعسّف» و «الظُلم» صنوان


علي محسن الورقاء

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3347 - الأحد 06 نوفمبر 2011م الموافق 10 ذي الحجة 1432هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mzmzmz.yoo7.com
 
بقلم علي محسن الورقاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بقلم علي محسن الورقاء
» بقلم المحامي علي محسن الورقاء
» بقلم بيض الصعو
» بقلم:
» بقلم رضي السماك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة جعفر الخابوري الاسلاميه :: صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري-
انتقل الى: