إذا دخلت الطائفية بلداً... قال لها الفساد خذيني معك!
سلمان سالم
سلمان سالم ... نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق
comments [at] alwasatnews.com
الطائفية آفة خطيرة بكل المقاييس الإنسانية والوطنية، إذا ما دخلت في بلد جعلت أهله يقاسون من التمييز البغيض في الخدمات والتعيينات والتوظيف والمكافآت والحوافز وفي البعثات الدراسية والحقوق السياسية والمدنية والإنسانية والاجتماعية، فلا تجد تقديرا إلى الكفاءات والقدرات والإمكانيات الوطنية ولا اعتبارا لها في مختلف الميادين والاتجاهات، وترى يُقدّم الأقل كفاءة على من هو أعلى منه تأهليا وكفاءة وخبرة، ويبتعث الطالب المتفوق الحاصل على المعدل التراكمي الأقل، لتحقيق رغبته الدراسية الأولى ويحرم الطالب المتفوق الحاصل على المعدل الأكبر، وتكون المصالح الشخصية والفئوية والمحسوبية مقدمة دائما على مصالح الوطن، ويتراجع الوطن ويتخلف في التعليم والصحة وحقوق الإنسان، ويزداد الفقر في أوساط المجتمع وتكبر نسبة البطالة وعدد العاطلين بين الفئات المستهدفة طائفيا ومذهبيا من المواطنين، وتسوء العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين فئات المجتمع والجهات التي تمارس الطائفية، وتبرز الخلافات والاختلافات الواسعة التي تؤدي إلى حدوث الأزمات السياسية، ويوظف بمنهجية الإعلام الرسمي وشبه الرسمي للتأجيج الطائفي، لإبعاد الرأي العام المحلي والخارجي عن الحقيقة، ويعتبر الرأي المعارض لسياسة التهميش والإقصاء الطائفي خائنا للوطن تارة وعميلا لجهات خارجية تارة أخرى، وينعت من يمارس حقه الدستوري والقانوني في التعبير عن رأيه بنعوت بعيدة عن أدبيات وأخلاقيات حقوق الإنسان التي وقعت عليها الحكومة في المحافل الدولية، فبدل أن يدعو إلى التفاوض المباشر بين طرفي الخلاف السياسي، تراه يبذل الجهود الكبيرة والأموال الكثيرة لتحويل الخلاف السياسي إلى خلاف طائفي بغيض بين أبناء الوطن الواحد، ويحاول أن يسقط جميع الممارسات الطائفية التي يقوم بها على المواطنين الرافضين لها، دون أن يورد دليلا واحدا من أقوالهم أو أفعالهم أو ممارساتهم السلمية التي تدل ولو من بعيد على طائفيتهم، لأن كل ما يطالبون به بكل بساطة هو العدل والمساواة والإنصاف بين جميع المواطنين، وأن القانون يجب أن يطبق على الجميع دون استثناء طائفي أو مذهبي أو عرقي أو قبلي، وأنهم ينادون بتفاوض جاد يوجد حلا ناجعا للأزمة السياسية، وينهي جذور المشكلة والانتقال الى حال سياسي يوجد الأمن الأهلي للجميع، ويكون المواطن فيه كريما عزيزا في حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإنسانية والمهنية، وفيه يطبق مبدأ تكافؤ الفرص الذي ورد في المادة (4) من الدستور، وفيه يسمح لجميع المواطنين بممارسة حقهم في خدمة وطنهم، والمساهمة الفعالة في التنمية والتطوير في مختلف المجالات المهنية والعلمية والاقتصادية والسياسية، وفيه تكفل لدور العلم حرمتها كما ورد في المادة ( 7) فقرة (د)، وفيه حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرها، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية (المادة: 23)،وفيه للمساكن حرمة (المادة:25)، وفيه حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها (المادة: 27)، وفيه مبدأ المواطنة الحقيقية هو الأساس في جميع المعاملات التي تقدم للمواطنين، وفيه المعتقدات الدينية والمذهبية محترمة، وفيه الفيصل بين مواطن وآخر الجد والإخلاص والتفاني في خدمة وطنه، وفيه يحاسب الفساد بكل أشكاله ومسمياته الأخلاقية والإدارية والمالية، وفيه لا يسمح بممارسة المعاملات المالية والتجارية التي تبنى على غسيل الأموال وبيع المسكرات المحرمة التي تخالف الشريعة الإسلامية، وفيه تكون السيادة للشعب مصدر السلطات جميعا، التشريعية والتنفيذية والقضائية كما ورد في ميثاق العمل الوطني والدستور في المادة (1) فقرة (د)، وفيه ينتخب الشعب برلمانا له كامل الصلاحية الرقابة والتشريع وفق عدالة انتخابية تعطي لكل مواطن صوتا، وفيه حكومة منبثقة من الإرادة الشعبية.
فالأخذ بالطائفية البغيضة كمنهجية، يسمح لأصحاب المصالح الشخصية بممارسة الفساد والعبث بمصالح الوطن العليا في كل الاتجاهات التربوية والتعليمية والعلمية والإنسانية والاقتصادية والوطنية.
سلمان سالم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3991 - الأحد 11 أغسطس 2013م الموافق 04 شوال 1434هـ