قرر السكوت لأنه يعلم بعدم وجود رادع يعاضده تجاه من يقوم بهذه السلوكيات
أسرة تشتم وتضرب حارس حديقة لأنه نبههم لإزالة الأوساخ
الوسط - صادق الحلواجي
في بادرة وردة فعل اعتبرها مواطنون أنها تعكس الذوق والأخلاق الشخصية التي يختلف تقديرها لدى كل فرد سلباً أو إيجاباً، انهالت أسرة على أحد حراس الأمن بأحد المتنزهات العامة بالشتيمة ثم الضرب، وذلك لأنه نبههم إلى إزالة أكياس النفايات والأوساخ التي خلفوها عقب انتهائهم من وجبة العشاء.
الحارس اتصل أمس (الأربعاء) بالصحيفة لينقل قصة الاعتداء عليه على هامش ملف الحفاظ على النظافة العامة والالتزام بسلوكياتها الحضارية الذي تتناوله «الوسط» حالياً، وكذلك عقب نشر خبر عن تعرض سائق آسيوي للكمة على يد سائق آخر لأنه بصق من نافذة السيارة ولم يعترف بخطئه أو الاعتذار للثاني. وقال حارس الأمن: «أعلم أنه ليس من صلاحياتي وخصوصياتي كحارس أمن أن أوجه وأنبه مرتادي المنتزه إلى ضرورة الالتزام بالنظافة وإزالة النفايات والأوساخ التي تنتج عنهم، لكنني انطلقت من واقع الحس الحضاري والسلوكيات الصحيحة التي لم أتوقع أن أجازى بما جوزيت به عنها».
وأضاف «تاق لي كثيراً أن أجد الإعلام المحلي يحمل على عاتقه تعزيز المسئولية الفردية والجماعية تجاه الكثير من القضايا والسلوكيات الأخلاقية التي أصبحت شبه غائبة إن لم تكن كذلك تماماً، ومنها سلوكيات الالتزام بالنظافة العامة على الصعيد الأوسع الذي يشمل الطرقات والشوارع والمرافق العامة، وليس المنزل فقط»، مثمناً دور «الوسط» في تبنيها لمثل هذه الحملات التي تعزز من مستوى الثقافة والوعي تجاه الالتزام بالنظافة في مختلف الأماكن.
وعن تفاصيل الحادثة التي تعرض لها، ذكر حارس الأمن: «كنت أؤدي دوري ضمن النوبة المسائية في أحد المنتزهات الحديثة بمحافظة المحرق، وكثيراً ما أشاهد مواطنين يعمدون إلى إلى إلقاء النفايات والأوساخ في جوانب مرافق المنتزه أو بعثرتها في أرجائه دون الاكتراث إلى وجود كم كبير من سلال المهملات وحاويات القمامة المخصصة لذلك، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى ترك كيس كبير من الأوساخ وسط المساحات الخضراء دون تحمل مسئولية رميها في سلال المهملات على الأقل».
وتابع «باعتبار أن ذلك يخلف منظراً مزرياً للمنتزه ويعكس صورة غير حضارية عن سلوكيات وثقافة الأفراد المرتادين على رغم وجود من يباشر عملية الكنس والتنظيف من قبل الشركات الخاصة الموكلة إليها تلك العملية رسمياً، لذلك أقوم من باب حرصي على نظافة المنتزه بالإشارة إلى بعض الأطفال وأولياء أمورهم، وكذلك الشباب أحياناً إلى عدم رمي المخلفات ومحاولة جمعها لوضعها في الصناديق المخصصة للقمامة، علماً أن ذلك يكون بأسلوب مرن ولطيف جداً لا يرقى للإهانة أو فرض الوصايا وتوجيه الأوامر لهم».
وأوضح حارس الأمن أنه «كثيراً ما يبدي هؤلاء الأطفال والأسر والشباب امتنانهم وحرصهم على عدم رمي النفايات وجمع ما تبعثر منها على هامش جلساتهم التقليدية في المساحات الخضراء، بل أن بعضهم يبدي اعتذاره ويثني على الاهتمام والمسئولية الواردة مني وكذلك بعض الحراس الآخرين. غير أن الأمر كان مغايراً تماماً بالنسبة لما حدث لي قبل نحو شهر من الآن مع أسرة ألقيت التحية عليها ونبهتها إلى إزالة النفايات وكيس القمامة للحاويات المخصصة لذلك».
وقال: «الأسرة كانت تتكون من أطفال ورجال ونساء من مختلف الأعمار، وقد كانوا يتمتعون بجلسة أسرية جميلة طوال أكثر من 4 ساعات، غير أن الأوساخ والقطع الصغيرة التي انتشرت حولهم وخصوصاً عقب انتهائهم من وجبة العشاء كانت أمراً لا يُطاق. والغريب في الأمر أن جميهم كانوا يشاهدون الأطفال وهم يبعثرون الأوساخ لكن من دون أي رادع أو تنبيه على رغم وجود سلال المهملات في كل الأماكن المحيطة بهم».
وأكمل حارس الأمن «ألقيت التحية على الأسرة حين بدأت في لملمة حاجياتها للمغادرة، ونبهتهم لو أن يزيلوا الأوساخ وأكياس القمامة التي خلفوها بكل احترام وتقدير من باب المسئولية العامة، لكنني تفاجأت بأحد الشباب يقول لي إن ذلك ليس من اختصاصاتي، وعلي أنا أن أقوم بتنظيف المنتزه إن أردت ذلك».
وزاد قوله: «بمجرد التماس ردة الفعل تلك، تراجعت عن موقفي وتركت الأمر لهم، غير أنني تفاجأت بكلمات شتم وازدراء مفادها أنني والأوساخ بقيمة واحدة، وإلا لما عملت في وظيفة حارس حديقة، وأعقبها استهزاء خلال مضيهم لمواقف السيارات. وحين سؤالي عن أسباب النهر والشتم أجابوا بأنني انوي التسبب في حدوث عراك ثم قام اثنان منهم بضربي».
وعن ردة فعله تجاه ما حصل، أفاد حارس الأمن أن «أفراداً تدخلوا وفكوا العراك، وأنا لم أقم بأي شيء من جهتي، لأنني أعلم أن القانون لن يقف معي طالما أن ما قمت به ليس من صلاحياتي، لدرجة أنني لم أبلغ حتى مسئولي في العمل، لكنني أفتخر بما قمت به حتى ولو وجه البعض اللوم لي».
واختتم حديثه بالقول: «أنقل هذه الحادثة ليس من أجل تعويضي أو محاسبة من اعتدى علي، بل من أجل أن يحكّم الناس العقل ويلتفتوا إلى السلوكيات التي يرونها صحيحة على رغم خطئها بسبب تعودهم على ممارستها».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3002 - الخميس 25 نوفمبر 2010م الموافق 19 ذي الحجة 1431هـ