ماذا سنفعل لمن يولد هذه الأيام؟
ليس هناك ما يمكن الكتابة عنه بشأن محاكمة «مجموعة الـ 25» التي انعقدت جلستها الثالثة في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010؛ لأن قرار الحظر على النشر لايزال قائماً.
ولو نظرنا إلى الموضوع من زوايا أخرى غير محتويات الجلسة المحظور نشرها، فإن «المنظر الدرامي» يمثل حالة مأساوية تستحق التمعن من قبل المهتمين بمستقبل البحرين. فالنسيج البحريني المتكون من أعراق وفئات ولهجات مختلفة تراه موزعاً بشكل غير مسر، إذ إنه وبدلاً من امتزاج مكونات المجتمع (سنة وشيعة) واختلاطها في كل مجالات الحياة، ترى مشهداً درامياً قائماً على «الفرز»، بين من يتواجد في المواقع التي تمتلك القرار، ومن يتواجد في قفص الاتهام، وهو فرز - مع الأسف - مفصل بشكل كئيب، وليس له علاقة بالتجانس المجتمعي الذي نحلم به في دولة عصرية.
المشهد لا يحتاج إلى معرفة تفاصيل هذه القضية، أو القضايا الأخرى التي سبقتها، أو تلك التي ينظر فيها حالياً... وذلك لأنه مشهد تتوزع فيه الأدوار بصورة روتينية متكررة، ما يعني أن هناك جذوراً تولد هذا التكرار، وأن هذه القضايا والمشاهد ستتكرر في السنوات والعقود المقبلة، ما لم نتحرك جميعاً لمعالجتها من الأساس.
ويتساءل المرء: لماذا لا نتمكن - كبحرينيين - من أن نتجانس بصورة عملية، بحيث تتواجد كل اللهجات وكل الأصول والمكونات المجتمعية بشكل مختلط في كل المواقع، وبحيث لا تختص فئة أو فئات معينة بتمثيل الجهات الرسمية، بينما يخصص موقع الاتهام - بصورة روتينية - لأبناء فئة أخرى؟
«الإيحاء» الذي يحكيه المشهد الدرامي المتكرر في الأحداث السياسية يخترق كل الأطر والأغطية والخطابات الرسمية وغير الرسمية... وعليه فإن علينا أن نسأل: ما هو المستقبل الذي نصنعه لأبنائنا الذين يولدون هذه الأيام؟ فهل كتب الله علينا أن نتوالد في مجتمع البحرين لنكرر المشهد الكئيب ذاته؟
إننا نمر حالياً في دوامة حلزونية تدور باستمرار... ففي كل مرة تدور فإنها تحفر في باطن الأرض حفرة أعمق من الحفرة السابقة. هذا الحديث ليس له علاقة بجزئيات هذه المحاكمة أو تلك... وإنما هو حديث يتعلق بسؤال استراتيجي يرتبط بمستقبل أبنائنا الذين يولدون هذه الأيام.
في محصلة الأمر، هل نقبل لأنفسنا بأن يذكر التاريخ مستقبلاً، بأننا جميعاً رأينا هذا المشهد يتكرر ولم نتدخل لإصلاحه جذرياً؟ ألا يمكننا أن نؤسس لمن يولد اليوم حياة كريمة لا تقوم على أية افتراضات مسبقة؟
هذه أسئلة مشروعة تحتاج إلى من يطرحها بشكل جاد وعقلاني واستراتيجي، وذلك بهدف معالجة جذورها... وإلا فليس هناك أحد نلومه سوى أنفسنا جميعاً.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3004 - السبت 27 نوفمبر 2010م الموافق 21 ذي الحجة 1431هـ