نهار آخر
تطفيش استشاريي السلمانية
رضي الموسوي
القرار الذي أصدره الوكيل المساعد لشؤون المستشفيات قبل ثلاثة أسابيع بإجبار استشاريي أمراض الدم والأورام والباطنية على زيارتهم لمرضى السكلر المتواجدين في أجنحة المستشفى بشكل يومي، أثار من التساؤلات (العلمية) أكثر من الإجابات المفترضة لتنظيم حالة يبدو أنها مستعصية في مجمع السلمانية الطبي.
القرار تم اتخاذه على خلفية أجندات خاصة، حسب تأكيد العديد من الاستشاريين في المستشفى، ما يبعده (القرار) عن الهدف المعلن والمتمثل في الاهتمام بمرضى السكلر، الذين يحتاجون إلى عناية الممرضات والأطباء المقيمين وتنفيذ وعود وزارة الصحة لهم بتأسيس وحدة خاصة لهذا المرض، يكون فيها الأطباء المقيمون وتحت إشراف طبيب استشاري، وذلك حسب التفاهمات التي تمت.
يواجه الأطباء الاستشاريون اليوم ضغوطا كبيرة أشد وطأة من أطباء المراكز الصحية. فهم، وفوق ما يقومون به من زيارات يومية للمرضى الذين تحت مسؤولياتهم واستقبال مرضى العيادات المتخصصة الخارجية.
استشاريو أمراض الدم والأورام والباطنية وقعوا في حيص بيص من هذا القرار، لأنهم يرون فيه خروجا عن المنطق.. لماذا؟
يقول بعضهم إن مرضى السكلر يحتاجون إلى اهتمام الممرضات والأطباء المقيمين لمعالجة حالاتهم، وإن هؤلاء المرضى يحتاجون إلى طبيب استشاري عندما تكون هناك مضاعفات وحالات مستعصية، وهذا الأمر يقومون به الاستشاريون قبل صدور القرار غير المفهوم. ما قاد الأطباء الاستشاريين المعنيين إلى فهم هذا القرار بأنه عقوبة جماعية، إذ وجدوا أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن ينفذوا الأمر الإداري الصادر من الوكيل المساعد وبالتالي يتركون مواعيدهم في العيادات المتخصصة التي تزخر هي الأخرى بما يتراوح ما بين 20 إلى 25 مريضا في كل عيادة، أو إنهم يطنشوا القرار الإداري ويتفرغون لمرضاهم. ولاشك أن تطبيق الخيار الثاني يعني عصيان الأوامر الإدارية، وهذا يعني بدوره الدخول في سين وجيم ولجان تحقيق وتأديب، وبالتالي تضييع الوقت على حساب المرضى الباحثين عن علاج. الاستشاريون المعنيون (استشاريي الدم والأورام والباطنية) نفذوا ما أمروا به في القرار الإداري وراحوا يجوبون الأجنحة لمعاينة مرضى السكلر <>كعمل إضافي>>، واجبروا بطريقة غير مباشرة على ترك عياداتهم التي تعتبر هي الأصل في العمل، ما ألقى المهمة على الأطباء المساعدين في العيادات لمعاينة المرضى الذين هم على قائمة الاستشاريين. وهذا يعني أن الطبيب المساعد لن يستفيد من خبرة الطبيب الاستشاري ليزيد معرفته العلمية، وسيفجر المريض أكثر من استفسار عن غياب طبيبه الاستشاري المعاين..والنتيجة خسارة للطبيب المساعد والمريض معا.
بالمناسبة، يبلغ عدد استشاريي الدم وأمراض الأورام في مجمع السلمانية الطبي ثلاثة استشاريين فقط، يقومون بمعاينة مرضاهم في الأجنحة. وفوق عملهم هذا فإن عدد مرضى السكلر في قوائم بعض هؤلاء الاستشاريين يصل إلى ما بين 30- 40 مريضا، يضاف إليهم ما بين 10 ؟ 12 من المصابين بالأورام، و20 مريضا في العيادة المتخصصة. وفوق كل ذلك يقوم الاستشاريون بتدريب الأطباء المقيمين، وتدريس الطلبة ومتابعة عينات المختبر، ناهيك عن العمل الإداري من حضور اجتماعات اللجان الطبية وغيرها من الأعمال ذات الصلة.
في ظل كل هذه الضغوط غير الطبيعية، الناجمة عن قرار فردي خاطئ..فهل يتوقع البحرينيون تطويرا لقطاع التطبيب في بلادهم؟!!