اليوم العالمي لدغدغة الفساد!
احتفل العالم أمس (الخميس) باليوم العالمي لمكافحة الفساد، في وقت تشير الإحصاءات إلى أن الفساد أصبح أكثر تسرباً وتغلغلاً وتكتلاً وتحصناً في مفاصل مختلف الدول.
في فجر اليوم العالمي لمكافحة الفساد، داهم مكتب التحقيقات المركزية الهندية عدداً من منازل ومكاتب الوزير السابق، انديموثو راجا، المتورّط في واحدةٍ من أكبر فضائح الفساد التي تناولها الإعلام هناك لأسابيع. ورغم نفيه لأية تهمٍ تخصه، إلا أنه أُجبِر على الاستقالة الشهر الماضي، وأخضعت ممتلكات ومحلات عددٍ من أقربائه وشركائه للتحقيق. وقد كشفت تقارير صحافية أن الوزير راجا حاول التأثير أيضاً على بعض أعضاء المحكمة العليا. وحين انتشرت الفضيحة قال: «أنا مستعدٌ للمثول حالاً أمام المحققين، فليس لديّ ما أخفيه، وأنا أصلاً من أشد المؤمنين بالمبدأ الفنزويلي القائل: لا تبوق لا تخاف».
وفي الأسابيع الأخيرة تكشّفت قضايا فساد أخرى بين اللوبيات والتحزبات السياسية الهندية وبعض أقطاب الصحافة، الذين كانوا يتلقون رشاوى تحت مسميات هدايا وعطايا ومنح، ويكتبون تقارير ومقالات تتراوح قيمتها بين عشر روبيات وخمسين روبية ومئة روبية، حسب شهرة الكاتب ودرجة تزلفه وتملقه للحزب الحاكم، وأحياناً درجة صفاقته وتنوع قاموس شتائمه للأحزاب المعارضة.
في بريطانيا العظمى، واحتفالاً باليوم العالمي لمناهضة الفساد، تم اعتقال مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان آسانج، الذي نشر الوثائق السرية الأميركية عملاً بمبدأ حرية الجمهور في معرفة السياسات التي تحاك من وراء ظهره، من افتعال حروبٍ وفتنٍ طائفيةٍ وتقاتلٍ بين الشعوب. وهو ما أثار حفيظة الإدارة الأميركية وأربك سياستها وسبّب لها الكثير من الإحراجات مع الدول الصديقة والحليفة والحبيبة. وكانت أكثر امرأةٍ في العالم فرحاً باعتقاله وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي أخذت تهلّل وتكبّر وتزغرد!
هذا ما حدث في الشرق والغرب، أما في مناطق الشرق الأوسط الجديد، وتفاعلاً مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، فقد صدرت مناشداتٌ للمجتمع المدني لتحمّل مسئولياته التاريخية في مكافحة الفساد. فلا يجوز ترك الدول وحدها تقوم بهذا الواجب الشاق، فحماية المال العام واجبٌ وطنيٌ يجب أن يتحمّله الجميع. وعلى كلّ من يشم رائحة فسادٍ بعد اليوم، في الجو أو البحر أو البر، ليلاً أو نهاراً، صيفاً أو شتاءً، أن يتصل على رقم الهاتف المركزي، أو يبعث بالتفاصيل والمستمسكات على صندوق البريد، ويفضّل عبر البريد المسجّل لضمان وصولها. وفي حالة الرغبة بمزيدٍ من السرية واختصاراً للوقت وحرقاً للمراحل، يمكنه تسريب الوثائق التي بحوزته إلى الموقع الالكتروني كما حدث في «ويكيليكس»، وستقوم الأجهزة المعنية بإكمال المهمة بملاحقة المتهمين وإلقاء القبض فجراً على الفاسدين.
لقد بدأت الحملة العالمية للقضاء على الفساد في الهند بالقبض على راجا، ولن تتوقف بعد القبض على آسانج في بريطانيا! وإنها لحملةٌ عالميةٌ مستمرةٌ حتى يتحرّر الشرق الأوسط الجديد من كل الفساد والفاسدين!
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3017 - الجمعة 10 ديسمبر 2010م الموافق 04 محرم 1432هـ