السب ينتشر بسرعة... ولكن!
سب النّاس واتّهامهم باطلاً ينتشر بسرعة البرق، وقد يكون على الصفحات الأولى في الصحف المحلّية، ولكن رد الاعتبار وإظهار الحقيقة، يحتاج إلى سنوات، وقد يوضع في أقل من سطرين داخل الصحف نفسها التي اتّهمت في صفحاتها الأولى!
بعض النّاس يستغل دينه ويتربّح منه بصورة سيّئة جداً، ويستخدمه من أجل إظهار العفّة والصدق والأمانة، خافياً عيوباً كثيرة وراء التستّر بلباس الدين والطهارة، فقد تجده كثير الصلاة وكثير القيام أمام الناس، ولكن في الخفاء يُحيك المؤامرات للأطهار، ويعمل على أذيّتهم.
وليس هذا فقط، بل هناك من يقوم بإطلاق التهم جزافاً من دون وجه حق، لا لشيء إلا كرهاً في الآخرين وحقداً لما وصلوا إليه ولم يصل إليه هو، وبالتالي، فإنّ المجتمع يساعد هؤلاء المرضى على التسلّق والمحاباة والكذب، ولا يُعطي الفرصة للصادق بأن يقول ما عنده أو يدافع عن نفسه.
كذلك هي الحال عندما يقوم أحد ما بالاتّصال بإحدى القنوات الفضائية، ويطلق الإشاعات على أحد الأشخاص، وما لحول القناة أو قوّتها إلا توجيه التهم الباطلة التي لا أساس لها من الصحّة، حتى تزيد القناة من رصيدها ومن معجبيها، وقد تزيد من عدد الإعلانات لديها، وللأسف تلبس قناعها الديني المتستّر في ضرب هذا ومهاجمة ذاك!
مرض إطلاق الإشاعات وتلفيق التهم على «خلق الله»، مرض قديم جداً، ليس بجديد، وخاصة في مجتمعاتنا العربية، وهو مرض يحتاج إلى علاج طويل المدى من أجل تطهير النفس من براثنه، ولكن من المُعيب أن مجتمعاتنا وصلت إلى التطوّر التكنولوجي، ولكن ليس إلى التطوّر الأخلاقي بشكله الذي رسمه لنا أمين هذه الأمّة الطاهر محمد بن عبدالله (ص).
نقف اليوم ونضع الأيادي على الرؤوس من هول ما نسمعه يتردّد من إشاعات، ولا نعرف إلى من نلجأ لسد هذه الثغرات ومحاربة هذه الكلمات النابية التي تُقال في حق هذا الشخص، أو تلك الشخصية.
أتذكّر منذ سنوات كتبت عن إحدى الصحافيات المرموقات، ولم أُكمل اليوم إلا باتّصال هاتفي يتحدّث أحدهم عن تلك الشخصية بأنّها من صاحبات الجلسات الخاصة وأنّها ممّن يشربن الخمر ولا يصلين!
ما لنا نحن وحياة هذه الشخصية المرموقة في أوقاتها الخاصة، ومن نحن لنتّهم ولنتحدّث عما بين العبد وربّه، فهو «الستّار» وهو الكفيل بردع هذه الكاتبة عما تفعله بينها وبين الله، وليس لنا دخل في حياتها الخاصة، وإنّما فيما تكتبه!
أما بعد إطلاق الشائعات والأكاذيب، كيف نرد الاعتبار؟! وكيف نُرجع لأصحاب الحقوق حقوقها؟! وكيف نمحو ما تمّ إفساده بكلام سيّئ ونابيّ عن بعض النّاس، إذ الكلمة السيئة تنتشر سريعاً كما قلنا آنفاً، ولكن الحقيقة صعب تمريرها على النّاس، وقد لا يقبلها مجتمع كمجتمعنا بعد تصديقه للشائعات المشينة.
على المرء أن يسأل نفسه قبل أن يحاسبه الله، هل الكلمة التي ستخرج مني صادقة في عرض شخص أو في حياة أحدهم؟ أم أنّني أقذف ولا أحد يحاسبني، لأنّ المجتمع متعطّش إلى تصديق الأكاذيب، ولا يهتم بالأخيار أينما كانوا!
قال المولى عزّ وجل في كتابه الكريم: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تُصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6). فاحذروا إطلاق الإشاعات والكذب، لأنّ الله سيسألكم عنها في يوم من الأيام، وهذا اليوم ليس ببعيد كما تنظرون إليه
مريم الشروقي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3173 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ