ين مساهمة التجار في رفع الفقر؟!
احمد الملا
صحيفة الوطن - العدد 1820 السبت 4 ديسمبر 2010
يتساءل بعض الناس عن الأغنياء والدور الذي قدموه إلى مجتمعاتهم وأوطانهم، وعن المؤسسات التجارية ومساهمتها في منجزات الوطن، وإذا كان الوطن قد أعطاهم مساحة يمارسون أنشطتهم فيها، فهل ردوا إليه الجميل؟ وأسهموا في مساعدة أبنائه؟ ودعموا مشروعاته التنموية؟
قد يكون ما يطرحه كثير من الناس وجيهاً، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بمساعدة الفقراء والمحتاجين، وهذا التساؤل المشروع يقع على الأثرياء والمؤسسات بما يكون على سبيل الفرض والإلزام، لا على سبيل الندب، وأقصد به أداء الحقوق الشرعية للأموال وأعني الزكاة خصوصاً.
نعلم أن الإسلام له أركان وثالث أركانه هو (إيتاء الزكاة) فهل أدى التجار والمؤسسات هذه الزكاة؟
مشروعية الزكاة لا تكمن فقط في تطهير المال، ولكنها مساهمة إنسانية واجتماعية في خدمة الفقراء والمعسرين وأصحاب الحاجات، والذين تعترض طريق حياتهم مصائب الدنيا، فتعينهم على قضاء حوائجهم الضرورية، حتى وإن كانوا من المتعففين الذين لم يمدوا أيديهم.
إن ما تشكوا منه أكثر المجتمعات الإسلامية اليوم هو منع الزكاة، وبالتالي كثرة الفقراء والمساكين، ولو أدى التجار زكاتهم على وجهها المشروع لمستحقيها لساعد ذلك في القضاء على الفقر وساهم في سد حاجات المعوزين والمساكين، وقلل من نسبة وجودهم وربما يختفي الفقر.
إن مما يزيد الإنسان تعجباً استزادة التجار من تجارتهم ومنعهم للحقوق الواجبة عليهم، فلا هم أدوا الحق الشرعي في أموالهم، ولا هم أدوا حق الإنسانية التي يفترض أنها تكون موجودة عندهم، ولا أدوا حقوق وطنهم ومجتمعهم إلا بمقدار ما يبرزه لهم الإعلام وتظهره لهم الدعاية، وإنما أصبح هم كثير منهم اللهث خلف جمع الأموال، ولا يبالي أحدهم من أي طريق جمعت، سواء كانت من طرق مشروعة أو من طرق ملتوية، وربما يبذل الحرام للحصول على المال.
ينظر بعض المساكين إلى ما في أيدي التجار من أموال فتتطلع نفوسهم إليها، ويمنون نفوسهم بها، فهي إما أن تكون لهم دافعاً فيجتهدون في طلب رزقهم وهذا نادر قليل، وإما أن تكون سبباً في حقدهم على أصحاب الأموال؛ لما يرون من تصرفات ونفقات في غير موضعها، وبعض أبناء الأغنياء يصرفون أموالهم في كماليات لا فائدة منها، فمن شراء ملابس غريبة أقل ما يقال عنها أنها لا تصلح للاستعمال الآدمي، أو صرفها على قصة شعر تصيب الرائي بالغثيان، ومن ينظر إلى بعضهم وهم يتلفون أموالهم فيطعمون كلابهم أفضل مما يأكل بعض بني البشر، يعلم أن الموازين قد انقلبت، وأن الترف قد ساق إلى توافه الأمور عند من لا يقدرون النعم، ولا يدركون أهميتها، ولا يخشون زوالها.
أين هؤلاء الأغنياء من الفقراء الذين أراقوا ماء وجوههم عند الإشارات؟ وأين هم من الذين يتعففون ولا يسألون الناس إلحافاً؟ وأين هم من اليتامى والأرامل؟ وأين هم من المرضى الذين لا يستطيعون شراء أدويتهم؟ وأين هم من المرافق الوطنية التي تخدم أبناء الوطن كالمساجد والمدارس والمنشآت الصحية؟