أين أخطاؤنا في المجتمع؟
ابسط وجهك للناس تكسب ودهم، وألن لهم الكلام يحبوك، وتواضع لهم يجلوك.
نسأل الله أن يكون حديثنا عن أخطائنا يقربنا لكلمة سواء.
أين أخطاؤنا هذا السؤال الذي من المفترض أن يقودنا إلى الاتفاق على كلمة سواء، حيث من الضروري الوقوف وقفة متمعنة لفهم الأسباب الرئيسية وراء التباين غير المعلن بين الناخب والنائب والسلطة التنفيذية ببعض الأمور الحياتية خاصة المتعلقة بالحياة السياسية والمعيشية التي تعد أقصى طموح الفرد.
وفي حقيقة الأمر، ستقدم هذه الأسطر توضيحاً مختصراً لأهم تلك الأسباب، دون الادعاء بإمكانية حصرها جميعاً، بحيث نوضح مكامن الضعف، التي انطلق منها هذا التباين من خلال الحراك السياسي المتمثل في دور الجمعيات السياسية التي أخذت على عاتقها العمل بعد إطلاق المشروع الإصلاحي كما هو الحال كذلك بمخرجات السلطة التنفيذية.
ومن أبرز تلك المكامن تتعلق في المقام الأول بالمسئولية وهي بالتأكيد ليست مسئولية فردية بل مسئولية جماعية، وينتظر من جميع النخب السياسية والثقافية والاجتماعية إضافة إلى رجال المال والجميع بلا استثناء المساهمة في رفد هذا العمل نحو بناء وتشييد الوطن القادم.
لقد دشن المشروع الإصلاحي العمل الديمقراطي، وذلك بإقامة مجلس نيابي منتخب بالاقتراع المباشر الحر، إذ يعد أحد خيارات التمثيل الشعبي المتوازن، وهي خطوة أساسية وضرورية على طريق العصرنة السياسية.
هذا بجانب إنشاء الجمعيات والهيئات القائمة على أساس اجتماعي أو مهني، إذ تعد خطوة مهمة على طريق إنجاز مقولات المواطنة والولاء الوطني، شريطة قيام تلك الجمعيات والمؤسسات وفق المعايير الدولية المعتمدة دون وصاية رسمية أو ضمنية سواء كانت حكومية أو مذهبية، إذ بذلك ستكون صلة الربط الأكثر حيوية بين المواطن والدولة والمجتمع، وهنا سيجد الصحافي والعامل والموظف والطبيب والمهندس والمعلم أنفسهم في تفاعل يومي مادته المجتمع وإطاره الدولة.
وعبر هذا التفاعل يولد الولاء الوطني وتتحقق مقولة المواطنة.
إن هذا الكلام جميل ولكن ما الذي نلمسه على أرض الواقع؟
أولا على مستوى السلطة التنفيذية مازال هناك من يتعامل بنرجسية، وهذا التشبيه له أسبابه من ضمنها الحس بالعظمة والتفخيم للذات لدى البعض، بالمغالاة في الإنجازات على المستوى الدولي والقدرات، وبالتوقع بأن يشار إليه بالبنان على انه قد يستحق ذلك حقيقة، في الوقت الذي مازال هناك أوجه قصور يجب إتمامها، لذلك نقول: ليس كافياً التغني بما وصلت إليه البحرين بالمحافل الدولية، ولكن من الضروري أن نمعن النظر لما وصل إليه المواطن داخل وطنه، كما أن سقف الحريات ليس بمعيار لتقدم الشعوب بقدر تحقيق الحد الأدنى من الأمن الاجتماعي المتمثل في السكن وفرص العمل وتكافؤ الفرص ومخرجات التعليم وسوق العمل.
إننا بهذا التنظير لا ننظر إلى الكأس المتلئة فقط ولكن ننظر حتى ما دون ذلك.
ثانياً، على مستوى الجمعيات السياسية، للأسف مازال هناك من ينظر إلى القضايا المعيشية مثل الإسكان والصحة والتعليم والبطالة وفرص العمل وتكافؤ الفرص حسب التصنيف الطائفي وهناك شواهد كثيرة على ذلك ولكنها ليست موضع الطرح، بل هناك جمعيات سياسية ذهبت إلى أبعد من ذلك، بالنظر إلى القضاء وكأنه قضاء طائفي وهذا ما لمسناه في قضية عمن يسمون بالشبكة الإرهابية، والسؤال لماذا لا نترك القضاء يقول كلمته، لماذا لا نريد أن نثق في القضاء لماذا نستبق الأحكام؟
لا علم لنا عن سبب ذلك. كما أن هناك جمعيات سياسية يعتقدون أن مشكلاتهم فريدة ولا يمكن فهمها إلا من قبل أناس مخصوصين يعني نحن العامة صعب علينا الفهم، يستغرقون في خيالات عن النجاح اللا محدود بالتصادم أو برفع الشعارات وصولا بالمساومات.
إننا بحاجة إلى مراجعة جادة ومستمرة بتوجه تلك الجمعيات السياسية والسلطة التنفيذية.
كما يجب عليهما مراعاة أهمية المشاركة الشعبية في الإدارة وتحمل المسئولية السياسية على أسس وطنية وليس على أسس طائفية أو مناطقية، فمن شأن ذلك التخلص من الروتين الممل في الأداء السياسي، وتقليل فرص الوقوع في الأخطاء والتجاوزات التي تقع في ظل السيطرة على الرأي شبه التام.
لماذا نقول ذلك لأن المثقف كان يعد نجم المجتمع ومرجعيته الأولى لوقت طويل. وهو المتعلم، المدرس والجامعي والصحافي والكاتب والمبدع، لأن مجتمعنا كان يحترم العلم والفكر، وكان الناجح في حياته هو من ينجح في دراسته ويحصل على درجات علمية كثيرة وتكون أعلاها درجة الدكتوراه التي تعد مفخرة له ولأسرته، أما اليوم اختلف الأمر فنجوم المجتمع أصبحوا فئات جديدة تشمل بعض النواب وبعض الوزراء ولاعبي كرة القدم والتاجر الطفيلي الذي يتاجر في كل شيء، نعم كل شيء، والله من وراء القصد.
سلمان ناصر
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3057 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ