الإرهاب عابر للحدود... «تجهيز غازٍ» مثالاً
هاني الفردان
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
قبل كل شيء، نشيد بالتوجه والتأكيد من قبل القيادة السياسية على أن البحرين لن تكون بوابة للإرهاب، وأن هذا التأكيد يدعمه كل مواطن على هذه الأرض، فشعب البحرين مسالم منذ قدم التاريخ، عُرف بمحبته للخير والسلام.
إن الإرهاب عابر للحدود معروف، فهو الذي يمول من خلال عمليات غسيل أموال والنقل غير المشروع للأموال من داخل البلاد إلى خارجها، ومن خلال حملات مشبوهة بعناوين مختلفة، ولكن جلها تصب في الوقت الحالي في إطار مشروع واحد معلن من داخل البحرين، وتحت أعين بعض المسئولين وبصرهم ودرايتهم، وربما مباركتهم وتزكيتهم، وهو مشروع «تجهيز غازٍ».
نعم، هناك من يريد أن تكون البحرين «بوابة مصدّرة للإرهاب»، يريدون للبحرين أن تكون طرفاً في سفك الدماء، يريدون بسكوتهم وصمتهم، وعدم تطبيقهم للقانون أن تكون البحرين بلداً مصدراً للإرهاب.
تحدثنا كثيراً عن هذا الموضوع، ووجهنا خطابات ورسائل مباشرة وواضحة للمسئولين في السلطة التنفيذية من وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف إلى وزيرة التنمية الاجتماعية، وهما الطرفان المسئولان فعليّاً عن مراقبة ومتابعة عملية أداء الجمعيات السياسية والإسلامية والأهلية.
كل خطاباتنا السابقة قوبلت بالصمت الشديد، وعدم التعليق، أو حتى التبرير عن أسباب صمتهم وسكوتهم عن مخالفة قانونية واضحة، من خلال جمع أموال لدعم الإرهاب، وسفك دماء عرب ومسلمين وتحت عنوان «تجهيز غازٍ» ونصرة الشعب السوري.
ووجهنا سؤالاً واضحاً وصريحاً للسلطة، ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية، وكل مسئول، هل يحق للشعب البحريني بمختلف فئاته وتلاوينه وانتماءاته أن يجمع التبرعات لدعم مجهود حربي وجماعة مسلحة منشقة على حكومة عربية أو إسلامية أو أجنبية؟
وهل تشجّع الحكومة البحرينية أن تتلطخ يد شعبها بدماء مسلمين ومواطنين أبرياء، وهل تشجّع الحكومة البحرينية تبني إرسال مقاتلين للقتال في بلدان عربية وإسلامية أو حتى أجنبية بأموال تبرعات بحرينية؟
كان الصمت هو الجواب، وقد طرحنا هذا السؤال وكررناه مراراً، ومنذ أغسطس/ آب 2012 عندما أعلن في ذلك الوقت قائد ما يُسمى بـ «صقور الشام» (لواء داوود) أبوعيسى الشيخ في العمق السوري، والذي أكد أن التبرعات كانت في أساسها ضمن مشروع أسماه بـ «تجهيز غازٍ»، مستشهداً بحديث النبي (ص)، «من جهز غازياً فقد غزى»، في تأكيد واضح منه أن التبرعات كانت للدعم المسلح.
أضف إلى ذلك تأكيد أبوعيسى الشيخ أن المشروع البحريني «تجهيز غازٍ» قام بتجهيز «غزاة» أكثر من 85 رجلاً، (وليفسر كل إنسان والسلطة معنى كلمة غازٍ وغزاة، وما المقصود منها).
كانت الأدلة واضحة للجميع، وكانت الجهات الرسمية ملتزمة الصمت، نظراً لحاجتها السياسية الملحة لعدم استعداء ذلك الطيف، في ظل ما تشهده الدولة من أزمة خانقة وصراع سياسي.
المشروع لم يُوقف، ولم تسعَ الجهات الرسمية لإيقافه؛ وذلك لحسابات سياسية بحتة، ولازال مستمراً رغم نفي جمعية «الأصالة» في ذلك الوقت علاقتها بالموضوع.
السلطة غضت البصر عن وجود شبهة جرائم «تبييض أموال» و«تمويل إرهاب»، والنقل غير المشروع للأموال عبر الحدود، من قبل نواب في السلطة التشريعية وشخصيات قيادية في الأجهزة الرسمية.
لقد عرّف المشرِّع البحريني النقل غير المشروع للأموال عبر الحدود بـ «فعل إجرامي يرتكبه أي شخص طبيعي أو اعتباري بأية وسيلة كانت، مباشرة أو غير مباشرة، بنقل الأموال عبر الحدود الدولية، إذا لم يفصح عنها بالمخالفة لنظام الإفصاح، أو كان النقل بغرض غسل الأموال أو تمويل الإرهاب».
في ذلك الوقت أيضاً قالت جمعية «الأصالة» في ردها، إن ما حدث «بتكليف من الشعب البحريني بتقديم تبرعاته للشعب السوري المسلم الجريح، استناداً لنداء الدين والإسلام والعروبة، وكونهم أعضاءً بالأصالة لا يعني أن هذه تبرعات الأصالة، بل تبرعات الشعب البحريني المسلم الغيور».
الأمين العام لجمعية «الأصالة» النائب عبدالحليم مراد، أعلن عبر حسابه الشخصي في «تويتر» عن استمرار تقديم التبرعات لإعانة الشعب السوري وتجهيز الغزاة، عبر عدد من المساجد منذ بدء شهر رمضان المبارك.
والسؤال إلى الجهات الرسمية، هل رخّصت الدولة لجمعية الأصالة «وبتكليف شعبي» جمع تبرعات لتسليح مقاتلين، هل تعطي السلطة تراخيص لأفراد لجمع التبرعات؟
وهل مساعدة الشعب السوري الجريح يتم من خلال مشروع «تجهيز غازٍ»، وإرسال مقاتلين، ودعم شراء أسلحة، ومقاتلين أيضاً من باكستان مثلاً؟
هل مساعدة الشعب السوري الجريح، تتم من خلال شراء جمعيات إسلامية بحرينية 1640 مقاتلاً باكستانيّاً بأموال تبرعات بحرينية للقتال بعنوان «الجهاد» في سورية؟
هل قبلت السلطة التنفيذية من خلال وزراء معينين بأن تتحول البحرين لبوابة لتصدير الإرهاب، وشراء مقاتلين، وقتل وسفك دماء عرب ومسلمين؟
أسئلة، لم تقدم الجهات الرسمية إجابات عليها، ما يجعلها في موضع المساءلة، وربما شبهة «التواطؤ» مع هذه الجمعيات الإسلامية في سفك دماء شعوب عربية مسلمة، وتمويل الإرهاب وتصديره.
طرحنا الأسئلة التي تهم الرأي العام... وما زلنا ننتظر الإجابات.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3976 - السبت 27 يوليو 2013م الموافق 18 رمضان 1434هـ